- صاحب المنشور: نورة بن داود
ملخص النقاش:يعد موضوع التوازن بين الحقوق والحريات الشخصية وبين تحقيق المصالح العليا للمجتمع من القضايا الأساسية التي تناولها الإسلام منذ نشأته. حيث يكفل الدين الإسلامي حرية الإنسان الكاملة، مع التركيز أيضًا على أهمية الاهتمام بمصالح الآخرين والمساهمة في رفاهية المجتمع ككل. هذا يشمل جوانب متعددة مثل التعليم والتعبير والإبداع، بالإضافة إلى مسؤوليات تجاه الأسرة والمجتمع والدولة.
من منظور شرعي، يعتبر الخطاب الديني واضحًا بشأن الحدود الدنيا والأقصى للأفعال المتاحة لكل شخص. فالإسلام يحفظ حقوق الأفراد ويضمن لهم حماية دينهم وأعراضهم وأنفسهم وممتلكاتهم وفقاً لقول الله تعالى في القرآن الكريم: "وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا". ولكن، هذه الحرية ليست مطلقة بل مقيدة بقواعد وضوابط تحافظ على النظام الاجتماعي وتمنع أي ضرر قد يلحق بالآخرين أو بالمصلحة العامة.
في الوقت نفسه، يؤكد الإسلام على واجبات الأفراد نحو مجتمعهم، ولذلك فإن بعض الأنشطة غير مجدية إذا أدت إلى اختلال توازن النظام العام أو تسببت في الآذية للناس. مثلاً، يُنظر إلى علاقات الزواج والعلاقات خارج نطاق القانون باعتبارها أموراً تتجاوز حدود الحريات الشخصية لأن لها تداعيات مباشرة ومترابطة مع البنية الاجتماعية والنظام العام.
وفي نهاية المطاف، يعكس نموذج الحكم في المجتمع الإسلامي اهتماماً عميقاً بتوفير الظروف المناسبة لتحقيق مصالح الناس كافة ضمن إطار أخلاقي ورؤية شمولية للحياة البشرية. لذلك، يمكننا القول إن التوازن الذي رسمه الشريعة الإسلامية بين الحريات الفردية والمصلحة الجماعية هو نهج شامل يتعامل بحكمة مع تعقيدات الحياة اليومية للفرد والجماعة.