- صاحب المنشور: رغدة الطاهري
ملخص النقاش:
في ظلّ تزايد الطلب العالمي على موارد المياه والضغط المتزايد بسبب التغيرات المناخية والعوامل الديموغرافية، تواجه الدول العربية تحديات بيئية كبيرة فيما يتعلق بإدارة الموارد المائية. هذا الوضع الاستثنائي يُبرز ضرورة البحث عن حلول مبتكرة ومستدامة للحفاظ على الأمان المائي للأجيال القادمة. يشهد العالم العربي نقصاً حاداً في مياه الشرب العذبة، حيث تعتبر بعض المناطق أكثر جفافا وأقل كفاءة في إدارة الموارد الطبيعية مقارنة ببقية دول العالم.
تتعدد عوامل هذه الأزمة المعقدة؛ فالتوسع العمراني غير المنظم، والتلوث البيئي، وكثافة السكان تؤدي إلى استنزاف مخزونات المياه الجوفية وتآكل التربة الزراعية. بالإضافة لذلك، فإن تغير أنماط هطول الأمطار الناجم عن الاحتباس الحراري يزيد من تفاقم المشكلة. ومن هنا تبدو الحاجة ملحة لإعادة النظر في السياسات الحكومية والممارسات المجتمعية لمعالجة هذه الإشكالية الملحة.
تهدف العديد من البلدان العربية حالياً نحو تبني تقنيات حديثة للتخفيف من آثار هذه الظاهرة. تشمل تلك التقنيات إعادة تدوير المياه العادمة، واستخدام أنظمة الري بالتنقيط لتقليل الفاقد، وإنشاء محطات تحلية مياه البحر. كما يتم التركيز أيضاً على تعزيز الوعي العام حول أهمية ترشيد استخدام المياه وتعليم الشباب قيمة المحافظة عليها.
ومن الجدير بالذكر أنه رغم الصعوبات، هناك نماذج مشرفة ناجحة مثل مشروع "أمواج" السعودي الذي يساهم في إنتاج كميات هائلة من المياه المالحة عبر عملية التحلية. وعلى مستوى آخر، نجحت الإمارات بتطبيق نظام متطور للإرشادات المبنية على البيانات لتحسين أداء أنظمتها المائية. وهكذا، يمكن للمبادرات المثمرة داخل المنطقة المساهمة في رسم طريق واضح لمواجهة أزمة المياه العالمية مع ضمان حقوق الكفاية لأبنائها.
وفي نهاية الأمر، فإن الحلول المطروحة ليست خيارًا اختياريًا بل هي مسؤولية وطنية وجزء حيوي من الرؤية المستقبلية لكل دولة عربية تسعى للحفاظ على الأمن الاقتصادي والبيئي لها وللمجتمع الدولي. وبالتالي، ينصب تركيزنا الآن على دعم وتوجيه الجهود التي تعمل بنشاط لإنقاذ مستقبل شعب الشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية ضمن حدود الموارد الطبيعية المتاحة لهم اليوم وغداً.