- صاحب المنشور: محفوظ بن توبة
ملخص النقاش:في عصر الرقمنة الحالي، باتت وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت أدوات أساسية لنشر وتبادل المعرفة والتواصل. ولكن هذا التحول الرقمي يواجه العديد من التحديات عند التعامل مع القضايا المتعلقة بتراثنا الثقافي العريق. فمن جهة، توفر المنصات الإلكترونية فرصاً غير مسبوقة لعرض ومشاركة الفنون والحرف التقليدية والمعارف التاريخية أمام جمهور عالمي واسع. ومن الجهة الأخرى، هناك مخاوف بشأن فقدان الهوية الفريدة لهذه الأعمال بسبب الاستخدام الكثيف لشبكات التواصل العالمي.
أولى هذه التحديات يكمن في حماية حقوق الملكية الفكرية للتراث الثقافي. حيث يمكن نسخ أعمال الفنانين التقليديين والمبدعين الأصيلين واستخدامها بدون إذن أو اعتراف لهم كملّاك لأصول تلك الأشياء. وهذا قد يؤدي إلى تقليل الدخل الذي يناله هؤلاء الفنانون بالإضافة إلى تشويه الصورة الأصلية للإبداع. كما أنه يشكل خطراً محتملاً على الخصوصية الثقافية والفردية للخالق الأول للأعمال الإبداعية.
التكيُّف مع طبيعة الشبكة العنكبوتية
يتطلب تكيُّف التراث الثقافي مع فضاءات الانترنت أيضا التأقلم مع خصائص النظام البيئي الرقمي الخاص بها مثل المرونة والخفة والقابلية للمشاركة الواسعة. بمعنى آخر، يتعين تحويل قطع الآثار الثابتة والمجسمات الثقافية وغيرها من التصميمات إلى أشكال رقمية سهلة الوصول والبناء عليها وإعادة استعمال محتواها بطرق جديدة مبتكرة لكن دون المساس بمحتوى معناها الأساسي والمعاني الجمالية التي تحملها أصلا.
بالإضافة لذلك، تعدُّ جودة المحتوى ضرورية لتجنب انتشار المعلومات الخاطئة والاستغلال التجاري السالب. إن نشر معلومات مضلِّلة حول تاريخ أي ثقافة أو عاداتها ومعتقداتها ليس أقل خطرًا من سرقة الحقوق المالية للفنانين الأصليين؛ فهو يُحدث تأثير سلبي كبير على فهم الجمهور العام للشخصيات والعلاقات داخل مجتمعاتهم المحلية وخارج حدود بلادهم أيضًا.
استثمار الفرصة التعليمية
رغم كل التحديات سالفة الذكر، فإن الوسائط الرقمية تقدم لنا فرصة فريدة للاستفادة منها كتوجيه تعليمي ثاقب نحو العالم الأوسع والأكثر تنوعًا اجتماعيًا وثقافيًا مما سبقه. فعبر شباب النظم المستندة إلي الكلمات المفتاح hubs وبرامج الواقع الافتراضي AR/VR,يمكن عرض نماذج ثلاثية الأبعاد واقعية لمواقع أثريه مهمة سابقاً وأماكن دفن موصوفة جغرافيا وتمثيل مجرى تاريخ مقترحات بحث مقترنة بالصور المصورة الشاملة)، وكل ذلك بكلفة اقل بكثير ممن اللازم لإنتاج مثل هكذا مشروعات بصورة مادية فعلية.
الخاتمة
وفي نهاية المطاف ، تحتفظ التراسات الدولية الراسخة بإمكانيتها الهائلة لمساعدة البشرية جمعاء علي تحقيق رؤيا أفضل لحياة مشتركة ذات هدف سامٍ وهي "العيش المشترك" وتعزيز تبادل الأفكار الجديدة والثاقبة بين الشعوب المختلفة عبر الزمان والمكان وفي جميع المجالات العلمانية والإنسانية . وإن كان الأمر يتعلق بحفظ تراثنا الحيوي فأمامنا طريق طويل لتحقيق ذلك ولكنه بلا شك يستحق البذل والجهد الضخم المبذول فيه لما سيؤول إليه حتما من نتائج عظيمة المآثر.