التكنولوجيا والصحة النفسية: هل هناك علاقة بينهما؟

في العصر الحديث، أصبحت التكنولوجيا جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية. من الهواتف الذكية إلى الأجهزة اللوحية وأدوات الواقع الافتراضي، ترافقنا هذه التقنيا

  • صاحب المنشور: المنصوري السمان

    ملخص النقاش:
    في العصر الحديث، أصبحت التكنولوجيا جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية. من الهواتف الذكية إلى الأجهزة اللوحية وأدوات الواقع الافتراضي، ترافقنا هذه التقنيات طوال الوقت. لكن ماذا عن تأثيرها على صحتنا النفسية؟ هذا الموضوع أصبح محل جدل كبير بين الباحثين والأطباء النفسيين. بعض الدراسات تشير إلى أنه قد يكون لها آثار إيجابية مثل تعزيز التواصل الاجتماعي والوصول للمعلومات الصحية. بينما ترى دراسات أخرى أنها يمكن أن تؤدي إلى زيادة مستويات القلق والإدمان والعزلة الاجتماعية.

التعرض المستمر للتكنولوجيا والقلق

أظهرت العديد من الدراسات الحديثة وجود ارتباط وثيق بين الاستخدام المستمر للتكنولوجيا ومستوى القلق لدى الأفراد. تقارير منظمة الصحة العالمية تشير إلى ارتفاع حالات اضطراب القلق العام حول العالم، مع نسبة كبيرة من السكان يعانون منه. يعتقد الكثير من العلماء أن ضغوط المعلومات والتواصل الدائم التي توفرها التكنولوجيا تساهم في هذا الاتجاه للأعلى. فالعيش تحت الضغط المتزايد لإبقائنا متصلين بالإنترنت وعدم القدرة على "إطفاء" هواتفنا أو تحديث حسابات التواصل الاجتماعي لدينا باستمرار يمكن أن يؤثر سلبًا على صحتنا النفسية.

التأثير السلبي على النوم

النوم الجيد ضروري لصحة الجسم والعقل. إلا أن استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم مباشرة يمكن أن يعطل دورة النوم الطبيعية بسبب تأثيرات الضوء الأزرق المنبعث منها والتي تحاكي ضوء الشمس وتضلل جسم الإنسان بشأن وقت الليل. هذا الأمر يساهم في مشكلات النوم المختلفة وقد يتسبب في حالة تعرف باسم "اضطراب الرهاب الليلي"، حيث يشعر الشخص برعب أو خوف شديد أثناء النوم.

الإدمان على وسائل الإعلام الاجتماعية

وسائل الإعلام الاجتماعية هي واحدة من أكثر أشكال التكنولوجيا شعبية واستخداماً عالميًا. ولكن رغم الفوائد الواضحة لهذه الوسائل - كالقدرة على التواصل مع الآخرين بغض النظر عن المسافة بينهم، فإن إدمانها له عواقب سلبية أيضًا. الشعور بالحاجة الملحة لمراجعة الرسائل والمشاركات الجديدة بدلاً من القيام بأنشطة شخصية مهمة كالعمل والنوم، يعد مؤشرًا واضحًا للإدمان. بالإضافة لذلك، فقد وجدت الدراسات أن مقارنة الذات بسعادة الآخرين عبر الإنترنت أدى إلى انخفاض تقدير الذات وانعدام الثقة بالنفس.

الفرص العلاجية للتقنية

رغم المخاطر المحتملة، تمتلك التكنولوجيا كذلك جوانب مفيدة فيما يتعلق بصحة الصحة النفسية. حيث تم تطوير تطبيقات الهاتف المحمول والبرامج الحاسوبية المصممة خصيصًا لتوفير استراتيجيات إدارة الضغوط وإدارة الألم وتحسين الحالة المزاجية. كما يتم استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي في علاج أمراض مثل رهاب المرتفعات والفوبيا الأخرى وذلك بتقديم بيئة خالية من الخطر لتعريض المرضى تدريجيا لما يخافونه.

الاستنتاج

في النهاية، يبدو أن العلاقة بين التكنولوجيا والصحة النفسية معقدة ومتغيرة. إنها ليست مجرد قضية نعم أم لا؛ بل تتطلب فهم أفضل لكيفية توازن الفرد بين استخداماته للتكنولوجيا واحتياجاته الأساسية الأخرى للحفاظ على صحته العامة. وهذا بحاجة لتحقيق توازن شخصي بناءً على الفرد ذاته وعاداته وقدرته على التحكم في مستوى تعرضه للتكنولوجيا. وبالتالي، يتعين علينا جميعا بذل جهد للوعي بأثر اختياراتنا التكنولوجية على نفوسنا وعلى قدرتنا على العيش حياة سعيدة ومنظمة.


بن عبد الله بن زروق

4 مدونة المشاركات

التعليقات