التأثير الاقتصادي لتغير المناخ على البلدان النامية: تحديات الحاضر وآفاق المستقبل

يشكل تغير المناخ أحد أكثر القضايا العالمية تعقيدًا وصعوبة التي تواجه العالم اليوم. وعلى الرغم من الآثار الواسعة والم

يشكل تغير المناخ أحد أكثر القضايا العالمية تعقيدًا وصعوبة التي تواجه العالم اليوم. وعلى الرغم من الآثار الواسعة والمستمرة لهذا التغيير العالمي، فإن تأثيره ليس متكافئاً بين جميع الدول، حيث تقع الأعباء الأكبر عادةً على عاتق البلدان النامية والاقتصادات الناشئة. هذا لأن هذه المناطق غالباً ما تتمتع بموارد أقل للتصدي للتحديات البيئة وتواجه بالفعل قيودا اقتصادية ومجتمعية كبيرة.

تتعدد طرق التأثير الاقتصادي لتغير المناخ على البلدان النامية. أولها تأثيرات مباشرة مثل الأعاصير الكثيفة والأمطار الغزيرة والفيضانات والجفاف الذي يؤثر بشدة على الزراعة وإنتاج المحاصيل الغذائية الأساسية. وهذا يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانعدام الأمن الغذائي، خاصة في مناطق تعتمد كلياً أو جزئياً على إنتاج محلي للحبوب والخضروات والفواكه. بالإضافة إلى ذلك، يتسبب تغير المناخ أيضا بتلف البنية التحتية المدنية وبالتالي زيادة تكلفة إعادة الإعمار والصيانة.

كما تشمل آثار تغيّر المناخ غير المباشرة فقدان الثروة الطبيعية للموارد البحرية والتلوث الجوي المتزايد والمشاكل الصحية المرتبطة به. كل هذه العوامل مجتمعة تخفض القدرة الشرائية للأفراد مما يعيق عملية التحول نحو اقتصاد مستدام وكفاءة طاقة أعلى - وهو شيء ضروري لتحقيق الازدهار على المدى الطويل.

ويتطلب التعامل مع هذه المسألة حلولا متكاملة تجمع بين الجوانب السياسية والإدارية والتقنية. ومن الضروري تطوير استراتيجيات وطنية وجهوية تتمحور حول المرونة والكفاءة واستغلال الطاقة المتجددة بكفاءة أكبر وحماية النظام البيئي بصورة فعالة لحجز المزيد من ثاني أكسيد الكربون ضمن الأرض والنظم البيئية الأخرى. ويجب أيضاً دعم البحث العلمي والتطوير التقني لابتكار حلول جديدة تكون قادرة على مواجهة تحديات المناخ الخاصة بكل بلد وفق ظروفه الفريدة وظروف منطقة الخليج العربي تحديدًا والتي تعد واحدة من الأكثر عرضة لهذه الظاهرة بسبب موقعها الجغرافي الخاص بها.

وتعتبر مساعدة المجتمع الدولي مهمة بنفس الدرجة إذ أنه ينبغي تقديم الدعم الفني والمالي للدول الفقيرة لمساعدتها في تحمل عبء الانتقال التدريجي بعيدا عن الوقود الأحفوري والاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة وغيرها من البدائل البديلة طويلة الأجل والتي تتسم بالاستدامة والمباعدة عنها بعض الشيء حتى تصبح قابلة للاستخدام التجاري الواسع النطاق مستقبلا بدون الاعتماد على أي نوع آخر من أنواع المساندة المالية الخارجية خلال السنوات المقبلة.

لذا، إن فهم وتعزيز قدرة الدول النامية لمواجهة تداعيات تغير المناخ يعد أمراً حيويا بالنسبة لأمننا المشترك واستقرارنا الاقتصادي العام وعالمنا الموحد سياسياً واجتماعياً وثقافيًّا أيضًا وذلك تحت مظلة عالم أخضر يسوده العدالة الاجتماعية والمصالح الدولية والعلاقات الدولية الراسخة المبنية على الاحترام المتبادل والعمل بروح الفريق الواحد خدمة للإنسانية جمعاء بغض النظر عن اختلاف الثقافات والمعتقدات المختلفة لكل الشعوب عبر مختلف دول العالم.


رنا بن زينب

4 مدونة المشاركات

التعليقات