- صاحب المنشور: العنابي بن عروس
ملخص النقاش:
العمل التطوعي يعتبر أحد أهم الأعمدة التي تبني مجتمعا متماسكا ومزدهرا. فهو ليس مجرد مشاركة عابرة أو خدمة مؤقتة، بل هو جزء أساسي من الهوية الاجتماعية والثقافية للأفراد والمجتمع ككل. العمل التطوعي يجسد روح التعاون والتكافل والتآزر بين أفراد المجتمع، حيث يساهم كل فرد بناء على قدراته ومواهبه لتحقيق هدف مشترك وهو رفعة المجتمع وتحسين ظروفه المعيشية والتعليمية والصحية وغيرها.
في المجتمعات المتنوعة التي تشهد تحديات اقتصادية واجتماعية مختلفة، يمكن للعمل التطوعي أن يلعب دوراً هاماً في تخطي هذه العقبات وتعزيز القيم الإيجابية لدى الأفراد والجماعات. من خلال تقديم المساعدة والدعم للمحتاجين، سواء كانت تلك المساعدة مادية أم معنوية أم مهاراتية، يتم تعزيز الشعور بالانتماء والمسؤولية تجاه الآخرين. هذا الانتماء يعزز ثقة الفرد بنفسه وبمجتمعه، مما يؤدي إلى زيادة الرضا الاجتماعي والشعور بالإنجاز الشخصي.
كما يساعد العمل التطوعي على تطوير المهارات الشخصية والإدارية عند المشاركين فيه. فمن خلال تنظيم الأنشطة والبرامج التطوعية، يتعلم المنظمون كيفية إدارة الوقت، واتخاذ القرارات، والعمل ضمن فرق متنوعة، بالإضافة إلى تحسين مهارات التواصل لديهم. هذه المهارات المكتسبة قابلة للتطبيق ليس فقط في مجال العمل التطوعي ولكن أيضاً في الحياة العملية اليومية وفي مختلف جوانب الحياة الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العمل التطوعي له تأثير إيجابي كبير على الصحة النفسية للمتطوعين. فقد أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يقومون بأعمال تطوعية يشعرون بسعادة أكبر ورفاهية نفسية أفضل مقارنة بتلك الذين لا يشاركون في أنشطة مماثلة. وذلك لأن العمل التطوعي يُحدث تغييراً إيجابياً في حياة الآخرين، وهذا التغيير ينعكس بشكل مباشرعلى سعادة وثقة المتطوع نفسه.
أخيراً وليس آخراً، يعدّ العمل التطوعي طريقة فعالة لبناء جسر التواصل بين الثقافات المختلفة داخل نسيج المجتمع الواحد. عندما يعمل أشخاص من خلفيات ثقافية وتاريخية مختلفة جنباً إلى جنب لأجل قضية مشتركة، فهم بذلك يخلقون بيئة تستند إلى الاحترام المتبادل والفهم المشترك والقيم الإنسانية الخالدة. وهذا يقودنا نحو بناء مجتمع أكثر تسامحاً ومتفهماً ومتضامناً.
وفي ظل الظروف العالمية الصعبة الحالية، برز دور العمل التطوعي بصورة بارزة خاصة أثناء جائحة كوفيد-19 حيث قام العديد من الأفراد والمؤسسات بمجهودات كبيرة لمساندة المحتاجين وتقديم الدعم اللازم لهم خلال فترة العزل والحجر الصحي الشديدتين. وقد أكدت هذه الجائحة مدى أهميتة وأثر العمل التطوعي في عصرنا الحالي. إنّه حقاً قوة اجتماعية وقيمة أخلاقية تمثل نواة أي مجتمع حيوي ومتجدد الأمل دوماً!