محددات رد #السعودية على حرب غزة: دور مركزي عربيا وإسلاميا لكن دون أن تغفل مصالحها
المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
*في أعقاب "عملية طوفان الأقصى" التي نفذتها حماس في 7 أكتوبر، انتقدت المملكة العربية السعودية علنًا تصرفات إسرائيل في غزة وألقت عليها باللوم في تصعيد التوترات، على الرغم من المحادثات الرامية إلى تطبيع العلاقات بين البلدين.
أصرت أهمية المملكة العربية السعودية كدولة رائدة وقوة اقتصادية في العالم العربي والمنطقة على موقفها. لكنها لم تعلن عن وقف واضح لعملية التطبيع مع إسرائيل. وبدلاً من ذلك، سعت إلى تنشيط المفاوضات مع إسرائيل مع زيادة تركيزها على إعطاء الأولوية للعنصر الفلسطيني في أي اتفاق سلام محتمل بعد حرب غزة.
وفي التعامل مع موقفها، تنظر المملكة العربية السعودية بعناية إلى دورها المهم، ومواقف مواطنيها، ووجهات نظر العالم العربي الأوسع بشأن غزة، فضلاً عن مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية.
في التعامل مع موقفها، تنظر المملكة العربية السعودية بعناية إلى دورها المهم، ومواقف مواطنيها، ووجهات نظر العالم العربي الأوسع بشأن غزة، فضلاً عن مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية. ويندرج هذا النهج في إطار[5] سياسة تعطي الأولوية للمصالح الاقتصادية والأمنية المحلية فوق القضايا الخارجية.
https://t.co/eo33tbCo5b
1/السعودية أولا
تدور القومية السعودية اليوم حول الولاء المشترك للقيادة السياسية والفخر بالتقدم الاقتصادي والإصلاحات الاجتماعية في البلاد، والتي تجسدها رؤية 2030. ويكمن جوهر هذه الهوية في مبدأ "السعودية أولاً"، الذي يسعى إلى تمييز المملكة السعودية عن الشعوب العربية المجاورة، مع رفض الأيديولوجيات العابرة للحدود الوطنية، وخاصة الإسلام السياسي الذي تمثله جماعات مثل جماعة الإخوان المسلمين.
ينصب التركيز على إعطاء أهمية أكبر للشؤون الداخلية بدلاً من الاهتمامات الإقليمية والانسحاب من القضايا التي كانت تقليدياً ذات أهمية بالنسبة للسعوديين. و هو ما يسلط الضوء على فكرة أن كل دولة يجب أن تعطي الأولوية لمصالحها بشكل منفصل عن القضايا المتعلقة بفلسطين.
يُنظر إلى الفلسطينيين على أنهم مسؤولون عن معاناتهم، المملكة العربية السعودية بذلت قصارى جهدها لحل المشكلة، لكن القادة الفلسطينيين لم يستغلوا الفرص المتاحة. وقد عبّر السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة، الأمير بندر بن سلطان، عن هذا المنظور في مسلسل تلفزيوني من ثلاثة أجزاء على قناة العربية من خلال الإشارة إلى الحالات التي يُزعم فيها أن القيادة الفلسطينية فشلت في إيجاد الحلول.
مع ذلك، بعد 7 أكتوبر، ظهرت مخاوف السلطات بشأن عودة ظهور الهويات العابرة للحدود الوطنية، خاصة مع الجماعات الإسلامية المسلحة المتورطة في الصراع مع إسرائيل، والتي يمكن أن تكون بمثابة نماذج جذابة للمتعاطفين المحتملين مع السعودية.
علاوة على ذلك، ظهرت مخاوف بشأن تطرف الشباب، الأمر الذي قد يؤدي إلى تقوية الجماعات الجهادية المتطرفة.
2/التخفيف من تصعيد النزاع
برز سعي المملكة العربية السعودية لتنويع اقتصادها كعامل محوري في تشكيل قرارات سياستها الخارجية.
إن المساعي الرامية إلى معالجة حرب اليمن، والسعي إلى المصالحة مع إيران وتركيا، والتخفيف من حدة القضايا الإقليمية، كلها تتوافق مع هدف تعزيز مناخ ملائم لطموحات التنويع الاقتصادي السعودي.
من خلال التركيز على ضمان نجاح مبادراتها الاقتصادية، تهدف المملكة العربية السعودية إلى الابتعاد عن التوترات الإقليمية. وتجعل حرب غزة هذا الأمر أكثر صعوبة، مما دفع المملكة إلى التركيز على استراتيجية خفض التصعيد ومنع توسع الصراع في المنطقة.
في السنوات الأخيرة، استثمرت المملكة العربية السعودية بشكل استراتيجي في الشركات الغربية، مثل لوسِد وبلاك روك، من خلال صندوق الاستثمارات العامة. وفي خضم حرب غزة، تجلت هذه الاستراتيجية الاستثمارية من خلال حصول صندوق الاستثمارات العامة على حصة 10% في الشركة القابضة لمطار هيثرو في لندن.
تسلط هذه الخطوة الضوء على التزام السعودية بأهدافها الاستثمارية بغض النظر عن الحرب، والامتناع عن استغلال القضية كأداة مساومة لوقف الحرب.
هدف المملكة العربية السعودية المتمثل في جذب الاستثمارات للمشاريع الضخمة مثل نيوم دفعها إلى التقليل من تأثير الحرب على هذا المسار.
في 20 أكتوبر، شرعت السعودية في استضافة منتدى “مبادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض كما هو مخطط له، والذي ضم 5000 مشارك من 90 دولة للإشارة إلى عدم أهمية الحرب لأهداف المنتدى وجذب الاستثمارات الأجنبية. - سلط منتدى الاستثمار السعودي الأوروبي في أكتوبر الضوء على الروابط بين المملكة العربية السعودية ودول الاتحاد الأوروبي، مما يؤكد التزام الرياض ببناء شراكات مع دول الاتحاد الأوروبي.
من خلال وضع نفسها كمركز للأعمال التجارية ومجموعة من الأحداث الدولية الكبرى، مثل تأمين حقوق استضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2034 ومعرض إكسبو في عام 2030، تؤكد المملكة العربية السعودية على أولوياتها الاقتصادية وكيفية تأثيرها على نهجها تجاه الصراع في غزة.
من خلال وضع نفسها كمركز للأعمال التجارية ومجموعة من الأحداث الدولية الكبرى، مثل تأمين حقوق استضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2034 ومعرض إكسبو في عام 2030، تؤكد المملكة العربية السعودية على أولوياتها الاقتصادية وكيفية تأثيرها على نهجها تجاه الصراع في غزة. وهذا يدل على أن حماية المصالح من أي آثار للصراع أمر بالغ الأهمية لطموحاتها الاقتصادية.
الهدف الرئيسي للمملكة العربية السعودية هو منع أي تصعيد للصراعات في المنطقة وتجنب المواجهات مع إيران وحلفائها.
يبدو أن الطريقة التي تعاملت بها المملكة العربية السعودية مع إيران خلال حرب غزة كانت تهدف إلى الحد من التوترات في المنطقة.
3/الالتزام بجهود التطبيع:ضمانات دفاعية ومسار لإقامة دولة فلسطينية
بعد بداية حرب غزة، ظهرت تقارير تشير إلى أن السعودية أوقفت المناقشات حول التطبيع مع إسرائيل. على الرغم من التحديات المتوقعة في استئناف محادثات التطبيع أثناء الصراع، ظلت الولايات المتحدة ملتزمة بإبقاء فرص التطبيع مفتوحة.
كانت الزيارات التي قام بها مسؤولون أمريكيون وأعضاء في الكونجرس إلى الرياض في الأسابيع القليلة الأولى من الحرب تهدف إلى الحفاظ على زخم التطبيع في خضم حرب غزة. عادت المناقشات المتعلقة بالتطبيع إلى الظهور، حيث اشترطت السعودية أن يشمل مسار التطبيع التقدم نحو إقامة دولة فلسطينية. أظهرت زيارة وزير الخارجية بلينكن إلى الرياض في أواخر أبريل أن الجزء الأمريكي السعودي من اتفاق التطبيع أصبح وشيكًا.
على الرغم من التحديات المتوقعة في استئناف محادثات التطبيع أثناء الصراع، ظلت الولايات المتحدة ملتزمة بإبقاء فرص التطبيع مفتوحة.
بالنسبة للمملكة العربية السعودية، يعد اتفاق التطبيع بمثابة وسيلة لتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة وتأمين الضمانات الدفاعية.
تسعى المملكة العربية السعودية بنشاط إلى إبرام اتفاق عسكري مع الولايات المتحدة لضمان الدعم في حالة وقوع هجوم. بالإضافة إلى ذلك، تسعى المملكة العربية السعودية إلى الوصول إلى أسلحة متقدمة، وبناء مفاعل نووي للأغراض السلمية، والتعاون مع الولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
يعمل التطبيع بمثابة قناة لتعميق العلاقات مع واشنطن، حيث تنظر إليه العديد من الدول العربية على أنه فرصة للاستفادة من النفوذ الإسرائيلي في واشنطن لتأمين مكاسب من الولايات المتحدة.
على الرغم من حرب غزة، تظل المملكة العربية السعودية ملتزمة بجهود التطبيع، مع إعطاء الأولوية للتفاوض على معاهدة دفاع مع الولايات المتحدة خلال فترة ولاية الرئيس بايدن. ومع ذلك، فإن التقارير المسربة عن الخطة البديلة، تشير إلى الموافقة على اتفاق سعودي أمريكي. إن اتفاقية الدفاع حتى بدون التطبيع الحالي مع إسرائيل، تشير إلى إلحاح المملكة العربية السعودية لوضع اللمسات النهائية على الاتفاقية.
مع ذلك، فإن مثل هذه الخطوة تفتقر إلى الأهمية التاريخية التي ترغب فيها إدارة بايدن وقد تواجه تحديات في الحصول على موافقة الكونجرس دون التطبيع الإسرائيلي.