- صاحب المنشور: حبيبة بن شقرون
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، شهدت منطقة الشرق الأوسط تحولات جيوستراتيجية عميقة أثرت على توازن القوى الإقليمي والدولي. هذه التحولات ترتبط بعدد من العوامل المعقدة التي تشمل الصراعات الداخلية والتوترات الخارجية والتغيرات الديموغرافية وغيرها. يهدف هذا المقال إلى استكشاف وتحليل بعض أهم التهديدات الناشئة نتيجة لهذه التحولات وكيف يمكن التعامل معها.
إعادة رسم الحدود التقليدية
أولاً، هناك إعادة تعريف للحدود الوطنية التقليدية في المنطقة. مثلاً، الحرب المستمرة في سوريا والعراق أدى إلى ظهور كيانات سياسية جديدة مثل "الإدارة الذاتية" الكردية والتي تطالب بالاستقلال الذاتي. بالإضافة إلى ذلك، فإن المشروع الإيراني للتوسع يحاول توسيع نفوذ طهران خارج حدوده الرسمية عبر دعم الحلفاء والأذرع المحلية. هذه الحالة تعزز عدم الاستقرار وتزيد من احتمالية نشوب صراعات أكثر تعقيدا بين الدول والجماعات المختلفة داخل الدولة الواحدة وفيما بينهم.
تهديدات الإرهاب والإسلام السياسي المتطرف
ثانياً، ينمو خطر الإسلام السياسي المتطرف وبروز تنظيمات إرهابية كـ"داعش". رغم هزيمة داعش عسكريا، إلا أنه لا زال يشكل تحديا أمنيا مستمراً بسبب القدرة على الانتشار بسرعة واستغلال الفجوات الأمنية. كما تتزايد علاقتها الجغرافية الجديدة مع جنوب شرق آسيا وأفريقيا مما يعرض المزيد من المناطق للعواقب الوخيمة للإرهاب العالمي.
دور القوى العالمية في التشابكات الإقليمية
ثالثا، يلعب اللاعبون العالميون دوراً رئيسياً في تحديد شكل الوضع الحالي والقادم للشرق الأوسط. التدخل الروسي في سوريا أعطاهم موطئ قدم مهم في البحر الأبيض المتوسط وأثر على موازين القوة الأوروبية أيضًا. بينما تسعى الولايات المتحدة لتقييم مكانة ومكانتها الخاصة بها ضمن هذا السياق الجديد للقوة المتغيرة. إن التنافس بين هذه القوى الدولية يؤدي غالبا إلى زيادة التدخل الخارجي الذي قد يغذي نيران الانقسام الداخلي ويحول دون الوصول للحلول طويلة المدى للاستقرار والحكم الرشيد.
تأثيرات تغير المناخ والصراع حول الموارد الطبيعية
أخيراً وليس آخراً، تلوح ظاهرة تغير المناخ بصفتها عامل ضغط آخر غير قابل للتنبؤ به ولكنه ذو تأثير كبير محتمل على المنطقة خلال العقود المقبلة. يتوقع الخبراء انخفاض معدلات الأمطار وانعدام الثلوج الشتوية المعتادة مما قد يؤدي لندرة المياه الشديدة وقلة الغذاء وهو ما يمكن أن يدفع السكان نحو الهجرة أو المواجهة العنيفة للاحتفاظ بالموارد الأساسية لهم ولبلدانهم المضيفة حاليا.
إن فهم طبيعة تلك التهديدات وترابطاتها يساعد المجتمع الدولي والمجتمع العربي تحديداً على اتخاذ قرارات مبنية أكثر على الواقع فيما يتعلق بالتزاماته تجاه شعب الشرق الأوسط وتعزيز السلام والاستقرار فيه.