• صاحب المنشور: بلقاسم بوهلال
  
  ملخص النقاش:
  

  في عالم اليوم المتغير بسرعة، يشهد النظام الدولي تحولات جذرية في موازين القوة. التنافس بين الولايات المتحدة والصين، روسيا وأوروبا الغربية له تأثيرات بعيدة المدى ليس فقط داخل حدودها بل أيضاً في المناطق الأكثر حساسية مثل الشرق الأوسط. هذه المنطقة الجغرافية الاستراتيجية التي كانت منذ فترة طويلة تحت تأثير الدول الكبرى، تعيد الآن ترسيم مكانتها ضمن مشهد سياسي عالمي جديد.

من جهة، الولايات المتحدة التي عرفت تاريخياً كالقوة الرائدة في الشرق الأوسط، تواجه تحديات متزايدة. الصين بدورها توسع نفوذها الاقتصادي عبر مشاريع البنية التحتية الضخمة مثل "الحزام والطريق" مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في الأسواق المحلية ويضعف هيمنة الدولار الأمريكي. بينما تركز أوروبا الغربية أكثر فأكثر على قضايا المناخ والحوكمة الرقمية، قد تتراجع مشاركتها التقليدية في السياسة الخارجية الإقليمية.

روسيا أيضا تستغل الفرصة لتعزيز وجودها. بعد تدخلها العسكري في سوريا عام 2015، عززت موسكو حضورها كمؤثر حيوي في دوائر صنع القرار الأمني بالشرق الأوسط. لكن هذا الوجود جاء بتكلفة كبيرة حيث أدى إلى تصاعد الصراع السوري وتوترات مع كل من تركيا والدول الخليجية.

بالتوازي مع ذلك، شهد الشرق الأوسط تحركات مهمة نحو المزيد من الاستقلال السياسي والإقتصادي. دول مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة تسعى لمزيد من التعامل المباشر مع الجانبين الآسيوي والأوروبي خارج نطاق التأثير التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية. كما تعمل إيران، بموجب استراتيجيتها الخاصة، على تقوية الروابط مع الشركاء الرئيسيين في آسيا وإفريقيا.

هذه التحولات ليست مجرد تغيير في الأنماط التجارية أو العسكرية ولكن لها آثار عميقة على السلام والاستقرار الاقليميين. فمع زيادة الاختلافات الحادة حول القضايا الرئيسية كالنشاط النووي الإيراني والنزاعات الثنائية التركية اليونانية وسوريا وفلسطين، فإن احتمالات تقارب أكبر بين القوى الدولية وتعاون أكثر فعالية ليصبحان ضروريين لحل المشكلات المعقدة لهذه المنطقة الحرجة.