التغيير الاجتماعي: تحديات وتأثيرات التكنولوجيا الرقمية على القيم والتقاليد

لقد شهد العالم تحولات جذرية خلال العقود الأخيرة، حيث أثرت التطورات التقنية غير المسبوقة -وخاصة تلك المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والشبكات الرقمية- تأث

  • صاحب المنشور: كشاف الأخبار

    ملخص النقاش:
    لقد شهد العالم تحولات جذرية خلال العقود الأخيرة، حيث أثرت التطورات التقنية غير المسبوقة -وخاصة تلك المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والشبكات الرقمية- تأثيرا عميقا على جميع جوانب الحياة اليومية للإنسان. إن لهذه الثورة الهائلة في مجال الاتصال والمعلومات تأثير مباشر وقوي على المجتمعات والثقافات العالمية، مما يخلق تحديات جديدة ويعرض بعض القيم والتقاليد التقليدية للخطر. سنستكشف هنا كيف شكلت هذه التحولات الرقمية المشهد الثقافي والاجتماعي المعاصر وكيف يمكن مواجهتها.

في البداية، أدى ظهور الإنترنت ومنصاته المختلفة إلى تغيير طريقة تواصل الناس مع بعضهم البعض. لم تعد المحادثات الشخصية الوجاهية هي الوسيلة الأساسية للتفاعل بين الأفراد والمجموعات؛ بل أصبح التواصل عبر الشبكة العنكبوتية أكثر شيوعًا وانتشارًا. وهذا shift قد يغير دوائر التأثير والروابط الاجتماعية التي كانت موجودة سابقًا ضمن نطاق محدود بعيدا عن الفضاء الإلكتروني الواسع. كذلك، فإن سرعة تبادل الرسائل والأخبار واتساع دائرة الوصول إليها تحمل مخاطر محددة تتعلق بالخصوصية والكشف العشوائي للمعلومات الحساسة والتي غالبا ماتكون عواقبها وخيمة خاصة عند استغلالها بطرق غير أخلاقية.

بالإضافة لذلك، فقد تشكلت هوية جديدة وثقافة افتراضية متميزة لها قواعدها الخاصة وأعرافها المغايرة لأمثيلتها الواقعية. تتميز "العالم الافتراضي" بمجمله بقلة الحدود والقوانين المنظمة له مقارنة بالحياة الطبيعية، الأمر الذي يتيح للشباب والشابات خصوصا حرية تعبير ودراسة آراء وممارسات ربما لن تُقبل اجتماعيا لو حدث ذلك أمام الجمهور العام. رغم فوائد هذا الحرية الخاضعة لضوابط ذاتية نسبياً إلا أنها تستحق النظر ملياً فيما يتصل بمحتوى ومصدر رسالة كل فرد حتى لا ينزلق المرء بفكرة خاطئة أو تصرف مشين يؤثر بالسلب عليه وعلى الآخرين طوال حياته المستقبلية.

ومن الجوانب الأخرى التي يستحق التدقيق فيها تأثير وسائل الإعلام الحديثة مثل مواقع التواصل الاجتماعي المقروءة والسمعية والبصرية والمختلطة منها أيضا، والذي يعد مدخلا رئيسيا لتلك الهوية الجديدة وتلك الثقافة السائدة حاليًا بين الشباب بغض النظر عن العمر والجنس والدخل وغيرها الكثير. إذ تقدم العديد من المواقع محتوى مبتذلا مسليا ولكنه مضلل ومخالف للقيم الأخلاقية للدين الإسلامي والعادات والتقاليد المحلية الأصيلة لكل مجتمع. وبالتالي، وجبت الدعوة لعيش حياة وسطية مهتمّة بأنواع المحتويات الموجودة حولنا وذلك باتباع الضوابط الشرعية وضمان اختيار نوعيتها قبل انطلاق عملية الاستيعاب والسلوك الإنساني المعتمد عليها لاحقاً.

وأخيرا وليس آخراً، تجدر الإشارة إلى أهمية دور التعليم الرسمي وغير الرسمي في التعامل الناجح مع هذه الظاهرة المتسارعة. فالمنظمات التربوية والمعلمين ذوات المهارات اللغوية عالية الأداء قادرين على رفع مستوى تأهب الطلاب نحو فهم الخطوط الحمراء المرتبطة باستعمال الانترنت وفهم طبيعة العالم افتراضي بصورة أفضل. كما ويجب التشديد على نشر ثقافة مقاومة التسويف والإلهاء العقلي نظراً لأن معظم الشرائح السكانية المطلعين على عالم الإنترنت هم الأكثر احتمالية لاستنزاف وقت فراغهم فيه مقابل القيام بنشاط مفيد للجسد والفكر. وهكذا، يعول كثيرٌ على المسؤوليين الحكوميين لإقرار قوانين حاسمة تضمن شرعية واستخدام امن وسلمي لهذا النظام العالمي الجديد بالإضافة لبذل جهود تربوية وتعليمية مستمرة للحفاظ والحماية انسجاما مع هدايانا الدينية ومعارفنا العلمية الغ


سعيد الدين السالمي

3 مدونة المشاركات

التعليقات