(المستشيخون في بلادنا .. الفلول المذعورة) سلسلة منشورات.
إن الذين ابتنوا عروشا من الملح، ثم تربعوا فوقها في غفلة من الزمان وغفوة من الدهر، وفي خطإٍ تاريخي فادح آن الأوان لتصحيحه على الفور ودون تسويف، قد بدؤوا يشعرون بالخوف بل الهلع
من أن تمطرهم سماء القرآن والعقل وابلا طيبا، فتذوب عروش الوهم تلك، ليتساقطوا تباعا، ثم يفروا كفلول مذعورة، ويبادروا بالبحث عن مخبإٍ يواريهم عن أعين الناس؛ فالمسلمون لن يرحموهم، وكيف يرحمونهم وقد نصّبوا أنفسهم نوابا عن الله، وظلالا له في الأرض؛ فوقعوا عنه، وتكلموا باسمه؟!
وقد فعلوا ذلك غير صادرين عن كتابه المجيد، ولا ناهلين من نبعه السلسبيل؟!
بل إنهم قد عمدوا إلى اتخاذ القرآن وراءهم ظهريا، ليفتحوا جعبهم كما يفعل السحرة والحواة والمشعوذون، فيمتلئ الجو غبارا؛ لأنهم أخرجوا من تلك الجعب كتبا صفراء مغبرة متيبسة كتيبس عقولهم وأفهامهم، ولا أقول ألبابهم.
وقد لجؤوا لتلك الكتب لأنهم وجدوا القرآن يفيض بيسر الدين وسماحة الشريعة ورحمة الخالق ورأفة الرسول الأعظم؛ فلم يرق لهم ذلك، إذ كيف سيتحكمون في عقول الخلق، ويقودونهم كالقطعان الضالة؟!
فالخالق الذي أنزل الكتاب المستنير، وأرسل السراج المنير، قد رحم ضعف من خلقهم، وهو أعلم بهم من أنفسهم، وأحن عليهم من أمهاتهم؛ فلم يجعل عليهم في الدين الذي ارتضاه لهم من حرج. قال سبحانه: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) المائدة، 6.