- صاحب المنشور: دوجة الهضيبي
ملخص النقاش:ظاهرة التطرف الديني تُشكّل تحديًا كبيرًا للمجتمعات الإسلامية اليوم. هذا النوع من الأفكار المتشددة والمفاهيم الخاطئة التي تؤدي إلى العنف والإرهاب يهدد الوحدة الاجتماعية والاستقرار العالمي. ينبع التطرف غالبًا من عدة عوامل تشمل الثقافة والأيديولوجيا والاقتصاد والتعليم، ويمكن تتبع جذوره عبر التاريخ الإسلامي الحديث والمعاصر.
في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، شهد العالم الإسلامي هجمات قوية من الاستعمار الغربي، مما أدى إلى شعور بالغضب والكراهية بين العديد من المسلمين. هذه الفترة زادت من الشعور بالتطرف لدى البعض الذين رأوا الغربيين كـ"أعداء". بعد الحرب العالمية الثانية، ظهرت حركات جديدة مثل الإخوان المسلمين والجهاد الإسلامي، والتي استخدمت الدين كأساس لمعارضتها للحكومات العلمانية المحلية والقوى الأجنبية. وفي التسعينيات والعشرينيات من القرن الحالي، ارتبط ظهور تنظيم القاعدة ومن ثم داعش مباشرة بتراث الفكر السلفي الجهادي الذي يعود لأصول مختلفة ولكن جميعها تدعي التمسك بالإسلام الأصيل.
من الناحية التعليمية والثقافية، قد تساهم المدارس الدينية التقليدية في تعزيز بعض المفاهيم المتطرفة بسبب التركيز الكبير على نصوص محددة دون السياقات الكاملة أو حتى الترجمة الصحيحة لها. كما يمكن للإعلام والشبكات الاجتماعية لعب دور مهم في نشر وترويج تلك الآراء المتطرفة للناس غير المطلعين. بالإضافة إلى ذلك، يشكل عدم وجود فرص اقتصادية وعدالة اجتماعية أرض خصبة للتوجهات المتطرفة حيث يجد الشباب اليائسون مساحة لتنظيم أفكارهم حول مظلوميتهم ومقاومة الظلم.
وللتعامل مع هذه المشكلة، يتطلب الأمر نهجا شاملا ومتكاملا يركز على ثلاثة محاور رئيسية: الأول، إعادة النظر في المناهج الدراسية داخل المؤسسات الدينية لإعطاء صورة أكثر شمولا عن الإسلام بعيدا عن التعبيرات الضيقة والمتعصبة. الثاني، تعزيز الحوار المفتوح والحوار بين مختلف الطوائف والفئات الدينية لتقليل سوء الفهم وتعزيز الاحترام المتبادل. الثالث، توفير الفرص الاقتصادية والتعليمية للشباب لحمايتهم من الوقوع تحت تأثير دعايات التنظيمات المتطرفة.
بناء مجتمع يسوده السلام والتفاهم يتطلب جهودا مشتركة وعلى جميع المستويات - فردية وجماعية ووطنية وقارية وعالمية. فقط عندما ندرك أهمية احترام الاختلافات والعمل على فهمها، سنتمكن من مواجهة خطاب الكراهية والتطرف بكفاءة أكبر.