الفِكر قبل أن يتحول إلى لغة هو في الأصل أشكال هندسية في الذهن.
العلاقة بين الهندسة والفكرة هي علاقة بين نظرية وتطبيق.
الأشكال الهندسية التي تصوغ الأفكار هي إحدى تجلّيات عالم المُثُل الذي قصده أفلاطون.
نظرية المُثُل لأفلاطون عميقة ودقيقة وكثير ممن ردوا عليها لم يفهموها أصلاً.
كل تجسّد مادّي له أبعاد هندسية في عالم الخيال، وتلك هي المُثُل.
حتى الأفكار التي تُقال ولو لم تكن مادية إلا أنّها تجسيد لأشكال هندسية سابقة لها.
هناك نماذج ترتسم في الذهن قبل أن يتولّد المفهوم المحسوس.
أعتقد بأنّ النظرية التوليدية التي قدمها تشومسكي هي أقرب ظاهرة لنظرية المُثُل عند أفلاطون لأنّها تزعم بأنّه يوجد في الذهن مجموعة قواعد تولّد الكلمات والجمل وتنظّمها.
وتلك القواعد هي النماذج المثالية التي تعطي العقل قياسات لتوليد الكلام مثلما أنّ المُثُل قياسات ذهنية لتوليد المعنى.
الحقيقة أنموج مثالي، والمثالي يجب أن يكون ذهنياً؛ لأنّه إذا تجسّد في الواقع فلا بد أن يعتريه النقص، ولذلك قال أفلاطون بأنّ جميع ما يوجد في العالم الواقعي إنما هو ظل أو تجلّي ناقص لعالم المُثُل التام.
فكيف نفهم هذا الكلام؟
قديماً كانت التصوّرات بالذهن، ولكن الآن لدينا وسيلة أخرى.
بالكمبيوتر تستطيع أن ترسم تصوّرك لبيت المستقبل.
يوجد تطبيقات كثيرة تساعدك في رسم الصورة النموذجية والشكل المثالي لبيتك.
في هذه الصورة لا يوجد أي نقص أو ثغرة لأنّها موجودة في عالم المثل فقط، ولكن عندما تصبح هذه الصورة واقعاً على الأرض سوف يعتريها النقص اللازم لأي تجسّد مادّي.