لابد أن أحكي تجربتي الروحانية العجيبة التي عملتها. في أسبوع واحد قرأت المعجم العظيم مقاييس اللغة ل

لابد أن أحكي تجربتي الروحانية العجيبة التي عملتها. في أسبوع واحد قرأت المعجم العظيم "مقاييس اللغة" لابن فارس. كل يوم كنت أجلس من الساعة ١٢ ظهرا إلى ١٢

لابد أن أحكي تجربتي الروحانية العجيبة التي عملتها. في أسبوع واحد قرأت المعجم العظيم "مقاييس اللغة" لابن فارس. كل يوم كنت أجلس من الساعة ١٢ ظهرا إلى ١٢ ليلا. والمعجم قد أُلِّف على طريقة فريدة. فيُذكر الجذر ومعناه العام ثم مشتقاته البارزة. وجذور اللغة العربية ١٦ ألفا في ٢٨٠٠ صفحة. https://t.co/FijBZzShzo

وأنا أقرأ في العربية من صغري. مثلا قرأت كتاب الحيوان للجاحظ مرارا. غير أن ما غمرني كان شيئا لم أعهده قط. كأني وقعت في فجوة زمنية رمت بي إلى أيام العرب القديمة. وإذا الصحراء والرمل المستدق والخيمة والإبل والهودج وحفر الآبار والكظائم والنخلة وشماريخها والمجرة والمعرة وإنباض القوس.

وما غمرني من ذلك الشعور كان عرَضا نتج من قراءتي. إذ كان قصدي شيئا آخر. وإنما أردت أن تزداد معرفتي بالعربية. هل تقدر على مجاراة عصرنا ومصطلحاته!؟ ومع أني لم أكن أشك في القوة الهائلة للعربية إلا أني أردت أن أتعرّف أكثر. فلنقل إلى أي حد يمكن للعربية أن تجاري عصرنا؟ وهذا ما وجدته.

العربية عبارة عن خزائن. الآن أفهم ماذا يقصد بكنوز العربية كل الفهم. فالعربية لها مناجم هائلة من الجذور والألفاظ في مادتها الخام. ليس هذا فقط. فقد وجدت أن ترتيب هذه الجذور أمرا محيّرا وإعجازيا. كأن أحدا أو لجنة قد اجتمعوا فوضعوا ترتيب هذه الألفاظ. وهذا مما قصده ابن فارس بالمقاييس.

وكثيرا ما يقال أن العربية واسعة المعاني. وهي كذلك حقا. فالجذور الأولية تشتمل من المعاني الدقيقة ما لا يُحصى كثرة. وأضرب مثلا معنى التجمع: كتل وكوم وحزم ورزم وركم ونضد وكدس ورصف. فلكل واحد من هذه الجذور معان دقيقة مع اشتراكها في أنها تدل على التجمع. فما بالك بما يتفرع من مشتقاتها!


عياش البوخاري

6 مدونة المشاركات

التعليقات