في الإسلام، التوكل يعني الجمع بين الاعتماد الكامل على الله والإيمان بأن كل شيء هو قدره ونعمته، وبين استخدام الأسباب التي حددها الله لهذا السبب. ليس من ضمن التوكل تعطيل الأسباب أو الامتناع عن العمل بها؛ بل على العكس تماماً، ينشط المؤمنون يأخذون بالأسباب ويلتحقون بها لأن الله قد حثنا على القيام بذلك.
على سبيل المثال، عندما دعت مريم عليها السلام إلى نخلة لإحضار الرطب خلال فصل الشتاء، فإنها قامت بالفعل بهز جذع النخلة وفقًا لأوامر الله. هذه ليست حالة لتجاهل الأسباب ولكن تطبيق أمر الله. إن رزق مريم وغيرها من الأشخاص الذين حصلوا على كرامة خاصة يكشف فقط عن فضل وعطاء الله وليس دعوة لتجنب الأعمال اليومية والسعي الطبيعي للحياة.
كما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "(احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ)"، يؤكد لنا أهمية الاجتهاد والعمل لتحقيق النفع والفائدة. وعلى نحو مشابه لما جاء في القرآن الكريم "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"، يدعونا للاستغفار واتخاذ الوسائل المتاحة لدينا أثناء سعينا لطلب القوت والحاجة إليه. لذلك، يمكننا القول بصراحة أن التوكل الحقيقي يشمل اعتمادنا على الله جنباً إلى جنب مع اتباع نهج مدروس قائم على الأدوات والموارد المقدمة للإنسانية.