- صاحب المنشور: عابدين السبتي
ملخص النقاش:
لقد أصبح تأثير تغير المناخ على الأنظمة الزراعية العالمية قضية حاسمة تتطلب اهتمامًا فوريًا. هذه الظاهرة البيئية المعقدة تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على إنتاج الغذاء، مما يهدد الأمن الغذائي للبلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط خاصة.
من الجدير بالذكر أن تقلبات الطقس المتزايدة - مثل الجفاف الشديد والأمطار الغزيرة غير المعتادة - يمكن أن تدمر المحاصيل وتحول دون الوصول إلى المياه اللازمة لريها. بالإضافة إلى ذلك، تزداد درجة الحرارة العالمية بنسبة متواضعة كل عام، وهو ما يؤدي إلى زيادة معدلات الإصابة بالأمراض وتأثيرات ضارة أخرى على النباتات.
وفي الوقت نفسه، فإن ارتفاع مستويات البحر يتسبب في تعكر مياه الري بسبب اختلاطها بمياه البحر المالحة، مما يعرض خصوبة التربة للخطر ويجعل بعض المناطق الزراعية غير قابلة للاستخدام. كما أنه يزيد من احتمالات الفيضانات التي تهدد البنية التحتية الزراعية والقوى العاملة البشرية.
تعد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أيضًا عاملًا رئيسيًا في هذا الأمر؛ حيث تساهم بصورة كبيرة في تشكيل ظروف مناخية جديدة ومختلفة تمام الاختلاف عما اعتاده المنتجون والمستهلكون على حد سواء. وقد أدى ذلك بالفعل إلى تحولات جذرية في معدلات نمو المحاصيل وتوزيعها عبر مختلف البلدان حول العالم.
ومن منظور آخر، قد تخلق تغيرات المناخ فرصاً جديدة أمام البعض باستخدام طرق زراعة أكثر مرونة أو تنويع المحصول لمواجهة الظروف الجديدة. ولكن، حتى هنا، تبقى المخاطر قائمة بسبب عدم اليقين بشأن كيفية استجابة الأنواع المختلفة من المحاصيل لهذا التحول الكبير والتكيّف معه.
وبالتالي، فإنه ينبغي لنا التعامل مع خطر نقص الغذاء عالمياً باعتباره كارثة محتملة وليس مجرد احتمال بعيد الاحتمال. ومن الواضح أن هناك حاجة ملحة لتطوير حلول مبتكرة وشاملة تضمن بقاء نظمنا الغذائية مستقرة ومتينة رغم الصدمات البيئية القادمة.
ويتعين علينا أيضا توسيع نطاق جهود البحث العلمي لدينا لفهم أفضل للتحديات المرتبطة بتغير المناخ وكيف سيؤثر ذلك على مستقبل الزراعة العالمية. إن الهدف النهائي هو خلق نهج ذكي واستراتيجي يسمح بإنتاج غذائي مستدام وصحي وبأسعار معقولة لكل الناس بلا استثناء. وهذه هي الخطوة الوحيدة المؤدية حقا إلى مجتمع يحقق فيه الجميع الأمن الغذائي بحلول نهاية القرن الحالي.