لا أقول بأنّ الجهم بن صفوان قد أصاب في كل شيء ولا أصرف له تزكيات مطلقة، ولكن أقول إنّ من أساسيات البحث العلمي التعرّف على الرجل من خلال نتاجه العلمي، وليس من خلال أقول الآخرين فيه.
هل تعلم بأنّ الجهم قد خرج بمذهبه الفلسفي في وقت مبكّر جداً، قبل عصر التدوين؛ ولذلك لا يوجد له نتاج علمي موجود ومطبوع لأنّ العلم في تلك الفترة كان في مرحلة التداول الشفهي فقط.
ورغم ذلك انتشرت أقواله وأثّرت في جميع المذاهب الكلامية والفلسفية إلى قرون كثيرة.
أعزائي المتابعين ..
على أي أساس نقبل تصنيف الشخصيات القديمة إلى سلف صالح وسلف فاسد؟
هل يوجد معايير موضوعية لهذا التصنيف؟
لا يوجد ..
بدليل أنّ جميع من ردوا على الجهم بن صفوان من القرن الثالث حتى الآن لم يقرؤوا له حرفاً واحداً ولا يعرفون نظام تفكيره ولا قواعد بحثه.
مقلدون فقط ..
لماذا لا ننظر إلى الجميع كباحثين أصحاب طرق بحثية متنوعة؟
لا أقول بأنّ الصواب مع الجهم ولا مع أعدائه.
الجميع يمارس حقاً مشروعاً في البحث، ومن حق الجميع أيضاً الانتهاء إلى النتائج التي يؤدي إليها البحث.
الجهم بن صفوان باحث يتّبع المنهج الفلسفي.. ماهي المشكلة إذا كانت نتائجه مختلفة؟
أرجو الانتباه لهذه النقطة!
عندما أدافع عن فلاسفة المسلمين فليس دفاع من يميل مع طرف ضد طرف.
أنا أؤمن بضرورة التنوع والتعدد، وأؤمن بأنّ هذا التنوع هو نتيجة ضرورية لتفاوت العقول.
وإنما أدافع عنهم باعتبارهم طرف مسحوق ومظلوم في ظل هيمنة المنظومة الحشوية الإقصائية على ثقافة العصر.