تاني ياجماعة
بخصوص موقف مصر الرسمي من المقاومة الفلسطينية وخصوصا حركة حماس، نؤكد على التالي
1-تصنيف أي مخالف بالإرهابي يعتمد بالدرجة الأولى على أمرين اثنين (الأذى + المصالح) أي يخضع هذا التصنيف بالكامل لاعتبارات مادية وليست أيديولوجية، أمريكا لا تصنف الحوثي إرهابي لأن من مصلحتها التعامل مع سلطات صنعاء في الأمم المتحدة وأن لا تخرج بالكلية من الملف اليمني..لكنها تصنف حماس إرهابية لأنها تؤذي إسرائيل..
كذلك مصر..اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين إرهابية لأنها (تأذت منهم) بعمليات وتفجيرات وقتل جماعي واغتيالات، ومفيش مصلحة مادية حاليا توجب النظر في هذا التوصيف، لكنها في ذات الوقت لا تصنف حماس وحزب الله والحوثيين وحركة النهضة التونسية والعدالة والتنمية المغربي والعدالة والتنمية التركي...لا تصنف هؤلاء جميعا إرهابيين (رغم أنهم جميعا فكر إسلام سياسي ومعظمهم إخوان) لأن معنى ذلك سيكون قطع العلاقة مع (لبنان وفلسطين وتونس والمغرب وتركيا) وهذا ليس من مصلحة مصر..
2-أصدرت محكمة مصرية في فبراير 2015 حكما يقضي بأن حماس إرهابية، لكن محكمة أخرى في يونيو 2015 أي بعد هذا الحكم ب 4 شهور قامت بإلغاءه، واعتبار أن حماس ليست إرهابية..
رابط الخبرين
https://t.co/Z0dD3x9YsK
https://t.co/JDIu4qsNMs
3- الذي طعن على حكم المحكمة الأول هو هيئة قضايا الدولة يعني في العرف القضائي الرئيس السيسي والسلطة التنفيذية هم الذين طعنوا على الحُكم..يعني عمليا رئيسنا وحكومته لا يصفون حماس بالإرهابية..فمن أين جئتم بهذا الوصف؟؟!!
4-سيادة الوزير "سامح شكري" وزير الخارجية المصري أصدر تصريحا منذ يومين يقول أنه يجب التفريق بين الإخوان الإرهابية وبين حركات التحرر في فلسطين من بينهم حماس، وهذا رابط تصريحه كامل بالسياق..ذكر حماس تحديدا..
https://t.co/JzThhksh2c
https://t.co/dg5Bq5gmLQ
5-سيادة الوزير قال في نفس السياق إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهذا صحيح لأن أي كلام مختلف يعني اعتراف مصر بتقسيم فلسطين (للضفة وغزة) عاصمة فلسطين الأبدية القدس الشرقية، والمؤقتة رام الله، وهناك تسيطر منظمة التحرير، فأي إشارة لفصيل آخر بالتمثيل يعني اعتراف ضمني بالتقسيم..وهذا ترفضه مصر..
6- سيادة الوزير قال النهاردة إن حماس فكرها إخوان..وهذا معروف ليس جديدا، لكن وصفها بالإرهاب شئ مختلف تماما، فمصر داعمة للشعب الفلسطيني ووصف أي فصيل فلسطيني بالإرهاب يعني دعم للاحتلال..وهذا شئ تتعفف عنه أي دولة عربية..مفيش دولة عربية بتوصف حماس بالإرهاب مطلقا لأن معناه دعم الاحتلال وشّ..
ومن يصف حماس بالإرهاب هنا يخدم الاحتلال بشكل أو بآخر..
وثلاث معلومات كدا على الماشي، أحمد موسى وهو إعلامي مقرب للنظام الأمني في مصر قال نصا في أحد حلقاته (حركة حماس داخل أراضيها حركة مقاومة بالقانون والشرع)
الرابط
https://t.co/uEC08uVclP
كذلك نشأت الديهي قال نصا " أن حماس لم تظهر إلا للدفاع عن الأراضي المحتلة، و مصر داعمة للحق الفلسطيني، لافتا إلى أن من يرى حماس إرهابية هذا رأيه، ألا أن منظمات الجهاد الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية جاءت من أجل الأرض المحتلة، والأرض المحتلة لا بد أن يتم تحريرها، وتحرير الأرض لن يأتي إلا بحمل السلاح"
الرابط
https://t.co/IknHaIj0I8
كذلك فالأزهر الشريف وهو مؤسسة مصرية عامة معترف بها استقبلت قيادات حماس وقدمت الدعم الكامل لهم، فهل الأزهر يقدم الدعم لجماعة إرهابية تحت سمع وبصر الدولة؟
الرابط
https://t.co/P9Ni7Wh8Yl
7-الإيمان بأن حركة حماس هي مقاومة فلسطينية مشروعة سياقه مختلف عن تمثيل الشعب نيابيا وسياسيا، يعني أشبه لما يكون الرئيس السيسي هو ممثل مصر الشرعي، لكن حزب الوفد في نفس التوقيت هو حزب مصري شرعي ..فالاثنان لا يتعارضان، وأتعجب من البعض الذي أوجد تعارضا بين التصريحين إلا لو كان بيفهم (بالشقلوب)..!
8- مصر لا تصنف حركة حماس كتنظيم إرهابي، بل تتواصل معها سياسيا وأمنيا منذ عصر مبارك على ثلاثة مستويات وحتى الآن:
الأول: تنسيق أمني على الحدود بين جانبيّ معبر رفح ، لأن حماس هي المسيطرة على الجانب الفلسطيني من المعبر منذ 18 عاما، وتصنيف مصر حماس حركة إرهابية يمنعك من هذا التنسيق، فمفيش دولة بتنسق مع إرهابيين تعتبرهم خارجين عن القانون..وهذا الذي أشار إليه سيادة الوزير في الرابط المرفق..
الثاني: تنسيق داخلي في جهود المصالحة الوطنية مع حركة فتح ومنظمة التحرير، وحماس هنا تتبنى رأي معادي لمنظمة التحرير واتفاقية أوسلو، لكن مصر بجهودها السياسية خفّضت من حدة هذا الرأي لمجرد إصلاح المنظمة، وإمكانية تشكيل حكومة توافق..
الثالث: تنسيق أمني في جهود الوساطة مع إسرائيل في أي حروب ضد قطاع #غزة، ودور مصر هنا واضح منذ أواخر عام 2015 مع النظام الجديد الحاكم منذ ثورة يونيو 2013
9-مصر لا تتفاوض مع إرهابيين أو تحميهم..وفي الرابط المرفق لقاء مدير المخابرات المصرية مع زعماء حركة حماس بالقاهرة..
الرابط
https://t.co/1XJNAIwCww
10- مصر تجاوزت الخلافات الأيديولوجية ولم تتهم حماس رسميا بالإرهاب لعدة أسباب:
الأول: قطاع غزة يمثل عمق استراتيجي لمصر ومسألة أمن قومي، فكانت مصلحة مصر تقتضي التواصل مع حكامه وليس اعتبارهم إرهابيين، لأن البديل عن التواصل هو الحرب، ولا يمكن تصطف مصر مع إسرائيل في العدوان على غزة أبدا..
الثاني: دور مصر الفاعل في قضية فلسطين منذ عام 1948 يقتضي أن تستمر مصر في التواصل مع كافة فصائل فلسطين وأحزابها، وأن تكون محايدة بغرض التأثير والإقناع وتقريب وجهات النظر، وكلنا شوفنا لما مصر دعت لمؤتمر سلام لفلسطين منذ يومين كمّ الضيوف الذين حضروا وعلى أي مستوى تمثيلي، هذا يعبر عن اعتراف العالم بثقل مصر في القضية وأنه لا مناص من الدور المصري لاحتواء المشكلة والبحث عن حلول..
الثالث: مصلحة مصر تقتضي وجود مقاومة فلسطينية للاحتلال تكون حاجز جغرافي بين إسرائيل ومصر لحماية سيناء ودفع الخطر والطمع الإسرائيلي فيها، وتكون هذه المقاومة إما صديقة أو حليفة أو متعاونة، وفي حالة منظمة التحرير فهي صديقة، أما في حالة حماس فهي متعاونة..
11- أن السياسة تُفرق بين هذه المصطلحات (عدوّ - صديق - حليف - متعاون - منافس) وبعد استعراض ما سبق فالعلاقة بين مصر وحماس هي (تعاون) وأما وصفها بالإرهاب تصبح (خصومة أو عداء) وهذا غير متحقق على أرض الواقع..
12- أنا بقول الكلام دا لتصحيح معلومات البعض ممن خرج مدعيا في الفترة الأخيرة أن مصر تصنف حماس إرهابية باعتبارها إخوان مسلمين..وهذا غير صحيح، مصر تصنف (إخوان مصر) فقط إرهابيين، لكنها لا تصنف التنظيم الدولي، فلو حكمت حركة النهضة الإخوانية تونس ستتعامل مصر معها، ولو حكمت المغرب بحزب العدالة أيضا ستتعامل معه، وكثير منهم حاليا في حزب أردوغان ومع ذلك تتعامل مصر معه..علاوة على أكبر داعم لإخوان العالم وهو النظام القطري..تتعامل أيضا مصر معه..
13- مصر تُفرّق بين مصالحها السياسية الخارجية، وبين مصالحها الأمنية الداخلية..ولا يتعلق موقف مصر من حماس بحركات الإخوان ، بل تقتضي السياسة أن يفصل المصريون بين الأمرين، وهذا ما حدث وتقبلته حماس ، ومعنويا بدأت تبعد شيئا فشيئا عن تيار الإخوان، وأزيلت لافتات دعم مرسي من غزة، ونادت قيادات حماس بالمصالحة مع بشار الأسد الذي طردهم عقب خيانتهم له بالانضمام للثورة المسلحة السورية..
14- جهود مصر في دعم غزة كشفت حقيقة الإخوان بالأخير الذين تاجروا بالقطاع ولا زالوا يصدروه كدليل على عمالة مصر لإسرائيل في زعمهم، ومواقف الدولة المصرية في دعم فلسطين بالعموم تسحب البساط من تحت أقدام التنظيم الدولي للإخوان الذي يعتمد على مظلومية شعب فلسطين للانتشار وإقناع الجماهير دينيا وسياسيا أنهم الحل الوحيد..
15- كمفكر أنا ضد حماس بالطبع كهيئة دينية وتنظيم مسلح يفرض رأيه بالقوة وكتبت ضد هذه الحركة كثيرا وشرحت أفكارها، ولكن كإنسان أنا مع المقاومة الفلسطينية..فالأخلاق الإنسانية تُحتم أنه عندما يُعاني خصمك من السرقة أن تعترف بحقه وتسانده لا أن تقف مع الحرامي، ومنطق البعض من زملائي في التيار الليبرالي العربي هو (الوقوف مع الحرامي)..وهذا موقف غير إنساني يضع ليبراليتك وإنسانيتك موضع الشبهة..وتفقد مصداقيتك كمفكر وما تنتجه من نظريات وأفكار..