- صاحب المنشور: الزاكي بن عبد المالك
ملخص النقاش:
في ظل التصاعد المستمر للأزمة بين روسيا وأوكرانيا منذ عام 2022، أصبح تأثير هذه الحرب على الاقتصاد العالمي موضوعاً رئيسياً للنقاش. تركز الدراسة الحالية على كيفية تأثر الاقتصاد الدولي بالنزاع العسكري، مع التركيز خاصة على القطاعات الرئيسية مثل الطاقة والغذاء والتجارة الدولية.
**1. التأثيرات على سوق النفط العالمية**
تعد روسيا أحد أكبر منتجي ومصدري النفط الخام في العالم، مما يجعلها لاعباً أساسياً في الأسواق العالمية. أدى التوترات السياسية إلى تقلبات كبيرة في أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة. ارتفعت الأسعار بعد العقوبات الغربية المفروضة على صادرات النفط الروسي بسبب غزو أوكرانيا، حيث اضطرت روسيا لتوجيه بعض شحناتها نحو أسواق أقل طلباً وبأسعار أقل، الأمر الذي أثّر أيضاً على تجار الدول الأخرى الذين اعتادوا الاعتماد جزئياً على السوق الروسي. علاوة على ذلك، فإن انخفاض إنتاج النفط الروسي نتيجة لهذه التدابير قد زاد الطلب على البدائل المنتجة من قبل دول أخرى مثل الولايات المتحدة والسعودية.
كما ساهمت هذه الظروف غير المؤكدة في ارتفاع تكلفة الوقود الأحفوري عالميا، والتي ترتد بشكل مباشر وتؤثر على مختلف الصناعات والمستهلكين حول الكوكب.
**2. الخروج المحتمل لأوروبا من اعتمادها على الطاقة الروسية**
كان الاتحاد الأوروبي يعتمد تاريخياً بشدة على وارداته من الغاز الطبيعي الروسي، لكن هناك اتجاه واضح الآن لتحول هذا الوضع. فقد باشرت العديد من الدول الأعضاء بذل جهود جادة لتنويع مصادر طاقتها بعيدًا عن موسكو. تشمل الاستراتيجيات المحتملة هنا زيادة استخدام موارد الطاقة المتجددة وخفض استهلاك الطاقة عبر كفاءة أفضل. بالإضافة إلى ذلك، يتم النظر جدياً في اقتراح خطوط الأنابيب البديلة لاستيراد الغاز من الغرب الأوسط الآسيوي ومن الشرق الأوسط، وهو ما يعكس عدم الثقة الناشئة فيما يتعلق بإمكانية الحصول على مورد موثوق به مستقبلاً.
**3. تداعيات الأمن الغذائي العالمية**
أوكرانيا وروسيان هما مصدران رائدان للقمح والشعير وزيوت الطعام. إن تعطل الإنتاج المحلي وعدم القدرة على تصدير البضائع بسبب القتال والصراع البحري المحاصر يعني نقصا حادا في المخزونات العالمية. وقد شهد العالم بالفعل نقصا في المواد الغذائية الأساسية خلال الأشهر الأولى للحرب، مما دفع الأسعار إلى أعلى مستويات لها منذ عشر سنوات. ويقدر خبراء أنه ربما تواجه مناطق فقيرة عجزاً غذائياً خطيرا إذا لم تتخذ إجراءات فورية للتخفيف منها عبر مسارات مختلفة كالاستثمار الزائد والحصول المبكر للمواد اللازمة.
**4. إعادة هيكلة العلاقات التجارية الدولية**
أدت الحرب أيضا إلى تحديث كبير لعلاقات التجارة التقليدية بين البلدان المختلفة. فعلى سبيل المثال, قام البعض بتغيير مسارات الشحن الخاصة بهم بعيدا عن المجال الروسي والأوكراني نحو خيارات أكثر ازدحاما ولكن أقل حساسية سياسيا. كذلك ظهر نموذجا جديد لإعادة تنظيم قواعد اللعبة بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات التي كانت تعتمد سابقا على الشبكات الروبلية الأكبر حجماً داخل المنطقة الأوروبية الآسيوية الاستراتيجية. وهناك احتمال آخر متزايد يقضي باستخدام المزيد من العملات الوطنية بدلا من الدولار الأمريكي والمعاملات المالية بالورقة الرسمية sanctioned.
وباختصار، تركت وتستمر في ترك آثار مدمرة وغير مباشرة عديدة على اقتصاديات معظم الدول ذات الصلة بهذا الحدث التاريخي المعقد.