تأثير التكنولوجيا على الهوية الثقافية: بين الحفاظ والمحو

في عصرنا الحالي الذي طغت فيه تكنولوجيا المعلومات والتواصل، أصبح تأثيرها واضحاً ومباشراً على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية. يبرز هذا التأثير

  • صاحب المنشور: كشاف الأخبار

    ملخص النقاش:
    في عصرنا الحالي الذي طغت فيه تكنولوجيا المعلومات والتواصل، أصبح تأثيرها واضحاً ومباشراً على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية. يبرز هذا التأثير جلياً فيما يتعلق بالهوية الثقافية للأمم والشعوب. هناك وجهان رئيسيان لهذا الأمر: المحافظة وتعزيز الهويات التقليدية واستخدام التكنولوجيا كأداة للحفظ والتراث؛ والوجه الآخر يتمثل في محو الهوية الثقافية الأصيلة تحت ضغط الأنماط الغربية المتسارعة التي غالباً ما تقدم كمعيار عالمي.

من جهة، توفر شبكة الإنترنت ومنصاتها الرقمية فرصًا هائلة لحفظ وتوثيق التقاليد والمعارف الثقافة المحلية. يمكن للناس مشاركة قصائدهم الشعرية، وألحانهم الموسيقية، والأحداث التاريخية والموروث الشعبي عبر الفيديوهات والبرامج التعليمية المتخصصة. هذه الوسائل تضمن بقاء تلك العناصر الثقافية حية أمام الاجيال القادمة، مما يساعد في ترسيخ الشعور بالإنتماء وتجديد الصلة بالأصل الجذري. كما تساهم الشبكات الاجتماعيّة في تعزيز التواصل بين أفراد المجتمع الواحد بغض النظر عن المسافات والجغرافية، وهو أمر يدعم الوحدة الوطنية ويحد من أي صراع محتمل بشأن هويتنا الجمعيّة.

أما الجانب السلبي فهو التأثر الزائد بالقيم والقوالب الفكرية المستوردة والتي قد تؤدي إلى تآكل الهويات الأصلية وشكلتها الخاصة بها تدريجياً. حيث تعمل وسائل الإعلام الحديثة والإعلانات المصممة في الخارج بصورة كبيرة على فرض نموذج حياة معين وتقديم صورة ذهنية للشباب تتناقض تماما مع قيم مجتمعهم الخاص بهم. بالإضافة لذلك، فإن بعض الأمثلة المشتهرة حاليا مثل "التطبيقات" وتطبيقات البث المباشر وغيرها كثير تختزل ثقافتنا ضمن قالب واحد محدود وخفيف الوزن للغاية، وهذا بالتأكيد ليس تبادلا عادلا ولا حتى ممثلاً لتنوع ثراء تراثنا الحيوي الغني بالفعل! فالأمر يبدو وكأن العالم العربي الكبير يقترب أكثر فأكثر نحو سوق موحد متجانسة متشابهة وفق رؤى خارجيه غير ذات صله بإحتياجات أفراد المجتمع المغاير لها أساسا .

ولذلك ينبع أهمية إدارة عملية التحول التكنولوجي بطريقة مدروسة ومتوازنة تحافظ علىخصوصيات وقيم كل دولة وثقافتها بينما تستفيد أيضا من مزايا الثروة المعرفيه والحركه العالمية للإتصالات الحديثه لإغناء نهضة وعمل الأفراد داخل أوطانهم وبالتالي تحقيق نوع أفضل من التعايش الإيجابي المبني علي الاحترام المتبادل والحوار الذكي النافع للجميع بدون ظلم لأحد طرفين خلال الرباط الطويل للمستقبل المنشود لدينا جميعا هنا وهناك ولأجيال قادمه بعد ذلك بحول الله ورعايته سبحانه وتعالى....


فادية القاسمي

4 مدونة المشاركات

التعليقات