• صاحب المنشور: هادية بن زيد
  
  ملخص النقاش:
  

  يشهد العالم العربي تحولاً رقمياً متسارعًا يُحدث تغييرات جذرية في مختلف القطاعات. يأتي ذلك مع تحديات كبيرة أمام الشركات الناشئة، وتحديدًا فيما يتعلق بتوفير الدعم التمويلي والمالي الذي يعد ركيزة أساسية لنموها والتطور. يواجه رواد الأعمال العرب عدة عقبات رئيسية، أهمها محدودية الوصول إلى رأس المال الاستثماري التقليدي وعدم توافق السياسات التشريعية المحلية مع احتياجات المشروعات الابتكارية.

على سبيل المثال، تعاني العديد من الدول العربية من قلة صناديق رأس المال المخاطر التي تستثمر في مرحلة الإنطلاق الأولى للشركات، مما يجبر الكثيرين على البحث خارج حدود بلدانهم للحصول على تمويل مناسب. بالإضافة لذلك، فإن بيئة تشجيع الريادة والأعمال غير رسمية غالبًا وضعيفة مقارنة بالممارسات العالمية المتطورة. هذا الوضع يعيق قدرة الأفكار الجديدة والإبداعية على التحول لحلول قابلة للتطبيق تجارياً وبالتالي تقلل فرص خلق فرص عمل جديدة ومبتكرة.

الواقع الحالي وآثار القصور

يتضح تأثير هذه المعضلات من خلال دراسة حالات شركات ناشئة عربية نالت شهرة عالمية لكن بقيت عمليات تطوير منتجاتها وأنشطة توسعها محدودة ضمن مناطق الجوار الإقليمي بسبب عدم توفر موارد كافية للوصول لعالم أكبر. مثلاً، شركة "Careem"، رغم نجاحاتها الكبيرة داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقد واجهتها عراقيل أثناء محاولاتها لتوسعة خدماتها عبر الحدود. كذلك الأمر بالنسبة لشركة "Swvl" التي تعمل أيضًا بالسوق المصرية والسعودية ولكن قد تحتاج لمزيد من الاستثمارات order to expand further internationally.

الإمكانات المحتملة والرؤية للمستقبل

لكن وسط كل الظروف الصعبة هناك بصيص أمل كبير يتمثل فيما يسمى بـ"اقتصاد الفضاء الإلكتروني". حيث يمكن للسوق الرقمية تقديم حلول مبتكرة وعالية التأثير للتغلب على تلك العقبات التقليدية المرتبطة بالتمويل المؤسسي والدعم الحكومي للدولة الواحدة. فمن خلال المنصات الحالية مثل Kickstarter أو Indiegogo، أصبح بإمكان الأفراد دعم مشروعات الآخرين مباشرة مقدمين بذلك شكل جديد تماما لرأس المال الشعبي الذي يستطيع جمع الأموال اللازمة لأوّل خطوات إنشاء مشروع أو خدمة جديد.

كما تساهم منصات أخرى أكثر تخصصًا مثل AngelList والتي تربط بين مستثمرين أثرياء ورواد أعمال محتملين بكفاءة عالية في تخفيف عبء العثور على ممول مناسب. أما بشأن ناحية السياسة العامة والحوافز التنظيمية، فتبدو رؤية بعض البلدان الأكثر تقدما نحو تبني سياسات داعمة للقطاع الرقمي واضحة جدًا، فعلى سبيل المثال تُظهر الإمارات والبحرين جهوداً حثيثة لدفع عجلة الابتكار ومنح مزايا ضرائبية واستشارية تفيد الشركات الصغيرة والكبيرة بغض النظرعن طابع القطاع الخاص لها.

في النهاية، يبدو أن مستقبل التمويل والاستثمار في مجال الاقتصاد الرقمي سيعتمد بدرجة كبيرة على استعدادنا لاستخدام الأدوات الحديثة وكيف سنستفيد منها لتحقيق أقصى استفادة ممكنة. ستكون هنالك فرصة واسعة لإحداث تغيير جذري للأفضل إذا تمكنّا من فهم وفهم حاجتنا للابتكار وللقدرة على تنظيم قوانا الداخلية بطريقة تقضي بأنظمة التعامل البنكية والقانونية القديمة وتفتح المجال أمام طرق جددة للحصول علي رؤوس أموال أقل تكلفة وأكثر مرونة تساهم بحجم أكبر في دفع عجلة النمو الاقتصادي الوطني والعربي عموما.