- صاحب المنشور: اعتدال بوزيان
ملخص النقاش:يُعتبر الترابط بين الدين والبيئة موضوعًا شائكًا ولكنه بالغ الأهمية في عصرنا الحديث. ففي حين يدعو العديد من الديانات إلى احترام الطبيعة والحفاظ عليها كأمانة من الله، تواجه المجتمعات الإسلامية والعالمية معاً تحديات بيئية كبيرة تتطلب استجابة مشتركة ومتكاملة. إن فهم هذا الرابط يمكن أن يكشف عن فرص فريدة لتحقيق التنمية المستدامة بطرق مستنيرة روحانيّاً واجتماعيّاً واقتصادياً.
التحديات البيئية المعاصرة
من الانهيارات الكبرى للحياة البحرية بسبب تلوث مياه البحار والمحيطات، إلى تغير المناخ الذي يؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري وتآكل الأرض الزراعية، يشهد العالم مجموعة متزايدة وأكثر شدة من المشاكل البيئية. هذه القضايا ليست مجرد تهديدات لسلامة الكوكب؛ بل إنها أيضاً عوامل رئيسية للإضرار برفاه البشر وصحتها. وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 13 مليون حالة وفاة سنوية حول العالم مرتبطة بسوء جودة الهواء والتوازن البيئي المتزعزع.
الدور الروحي للدين في الحفاظ على البيئة
تشجع العديد من التعاليم الدينية على رعاية الأرض باعتبارها هدية سماوية تستحق الاحترام والإدامة. الإسلام مثلاً يرى الأرض كوحدة واحدة مقدسة حيث العناية بها فرض ديني وجزء أصيل من بر الوالدين ("ارضاء الرب"). القرآن الكريم مليء بالأحاديث التي تحث المسلمين على تعزيز العلاقة الإيجابية مع الطبيعة وعدم اتباع طريق التدمير الذاتي عبر الاستخدام غير المسؤول للموارد الطبيعية.
إمكانات التنمية المستدامة عبر الرؤى الدينية
يمكن للتعاليم الدينية أن توفر رؤية مختلفة للتقدم الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. بدلا من التركيز فقط على النمو المُسْتقبلِي الكبير أو الثراء الفردي، يمكن لهذه المواثيق الأخلاقية أن تشدد على الوضوح الأخلاقي والسلوك الاجتماعي المقنع وهو الأمر الذي قد يحفز على تحقيق نموذج اقتصادي أخضر أكثر شمولاً واستدامة.
مستقبل التعاون بين العلم والدين
لتفعيل هذه الإمكانات يتعين علينا تشجيع حوار بناء بين الخبرات العلمانية والمعارف الدينية. هناك حاجة ماسّة لتطوير نماذج جديدة للحلول تعتمد على تقاطعات الثقافة الغربية الحديثة مع البعد الإنساني والفلسفة الشرقية القديمة - خاصة فيما يتعلق بعلم الاجتماع البيئي وعلم النفس البيئي كذلك.
هذه الجهود ستعمل بلا شك على إعداد مجتمع يعيش ضمن حدود أرضه وخارج قوقعة نرجسية شاملة للأرض نفسها وغير قادرة أبدا على تجديد مواردها الذاتية مجدداً ليصبح بذلك مثالٌ حي لما نسميه بالقيمة العامة لكل موجود عليه سطح هذا الكون الشاسع وما فيه ومن فوقه تحت وطأة مصيره المحتوم سواء كانت تلك الحياة بشر أم جماد أم حتى نفوس طاهرة تسعى نحو حياة أفضل لأجيال لاحقة لن تخضع يوماً لقوانين طبيعية بقيت لعمر دوام النفخة الأخيرة كما ورد في كتاب العزيز نفسه!.