ما لا يعرفه الكثيرون ممن يستمعون لخطبة الخطيب ، أنّ الخطابةَ خطبٌ يمكن أن يُشيب ناصية الوليد
وقديما قال عبد الملك بن مروان : شيّبني صعود المنابر
———
عن الخطباء أتحدث لا عمن يقطعون أوراقاً من كتاب خطبٍ ويقرأون ما فيها بأخطاء ولَحْنٍ على الملأ !
الخطيب معني باستصحاب الواقع وعدم تجاهل الماضي ، وبأن يزنَ كلامه ليناسب المبتدي ولا ينتقص المنتهي ، وأن يكون متجدداً وإن كان الموضوع قديماً، وبسلامة الفكرة ، وحسن الصياغة ، وصحة اللغة ، والتأكد من المصادر
ومن المهم أن يخترع براعةً في الاستهلال وجمالاً في الاختتام
ماأشقّ المهمة !
المطلوب من الخطباء كثير
بعض المواقف محرجة يقف فيهاالخطيب بين قول الحق وإن كان مُراً وبين إيثار السلامة
أقول ذلك لأنبه الخطيب لعظم المسؤلية ولأقول للناقد متكئاً على أريكته : إنّ المهمة شاقة وليس راءٍ كمن سمعا
وأكثر الناس تنظيراًلو أخليت له المنر والمُكبر 3000 مستمع لخر ساقطاً !
إمطلوب من الخطيب أن يشمل مشاكل المجتمع ، وأن يحلّ قضايا حيّه ، وأن يوازن بين الضرورات فيقدمها ، والواجبات فيثنيها ، وألاّ ينسى الكماليات فيشير إليها من طرفٍ خفي
وهو إذ ذاك لابد وأن يكون مخالطاً للناس ، عارفاً بأدوائهم مثقفاً قارئاً متابعاً غير غافل ، بحاثةً ، يعرف ماذا يقول ومتى
الخطبة ليست سرداً وحسب ، ولا انتقاءً لأسجاعٍ وأشعار ، ولا نقلاً لخطبة من موقع أو كتاب
هى رجع نبض الناس يترجمه الخطيب في منبره
يشخص الداء ، ويصف الدواء ، يقرّب البعيد ، ويوصل المعلومة بأسلوب شيّق ، ولغة جزلة ، لا ينزع فيها الى وحشي القول ولا يهبط الى درك العامية
ماأشق المهمة !