المرقد البارد
العرب تحب الرجل الذي لا ينام طويلا. فقد ارتبط الاستيقاظ مبكرا بالمرجلة وكسب الرزق والفوز والصحة.
والشاعر يقول:
كم فات رقّاد الضحى من غنيمة... تفوت ورقّاد الضحى ما درى بها
كانت أمي توقظنا للمدرسة وإذا تعبت مني ومن أخوتي تردّد على مسامعنا:
" مالت على زويد قصّاب الهلايم".
معاني الكلمات:
مالت: كلمة شعبية لها مدلول سلبي وتعبّر عن الفشل، وقد يماثلها بالفصحى قبحا لـ أو تعسا لـ
زويد: رجل يبدو أنه كان يعمل جزّارا وهي مهنة مُحتقرة عند البادية.
قصّاب: جزّار.
الهلايم: مفردها هلامة وهي النعجة الهزيلة التي لا يصلح لحمها للأكل
. ويوصف الرجل بالهلامة، أحيانا، عندما يكون بلا فائدة وهو عكس الرجل"هاب الريح".
ويبدو أن زويد هذا كان جزارا يذبح النعاج المشرفة على الهلاك ويبيع لحمها.
بالنسبة لي..
لست من ربع زويد، فمن صغري وأنا أحب الإستيقاظ مبكرا.
أستثني فقط أيام المدرسة حيث كنت"أتريقد"آملا بأن يتركوني نائما
، وكان بالطبع أمل ابليس بالجنة.
عندما كنت شابا أو أكثر شبابا من اليوم، زرت أحد أقاربي وكان رجلا كبيرا بالسن وكان عنده مجموعة من جيرانه وأصدقائه، فدار الحديث بينهم عن الحياة والفرق بين الماضي والحاضر. وتطّرقوا، بطبيعة الحال، إلى ترف وخمول شباب اليوم، وكانوا ينظرون إليّ بحكم أنني
الشاب الوحيد في المكان بالإضافة إلى ابن صاحب الديوانية الذي يماثلني سنا والذي كان واقفا، طوال ساعة كاملة، يصب القهوة.
قال صاحب الديوانية: "هادي مرقده بارد".
ولم يزد كلمة واحدة!
ساد الصمت بعد هذه العبارة المحيّرة. لم أستطع تصنيف العبارة هل هي مدح أو ذم. لكن توقعت أنها ذم بحكم أن
