التحديات والمعوقات التي تواجه التعليم الإلكتروني: دراسة حالة لبعض الدول العربية

في عصر التكنولوجيا المتسارعة والتحول الرقمي العالمي، أصبح التعليم الإلكتروني خيارا استراتيجيا للعديد من الدول حول العالم. ولكن هذا التحول ليس بلا تحدي

  • صاحب المنشور: رؤوف البوخاري

    ملخص النقاش:
    في عصر التكنولوجيا المتسارعة والتحول الرقمي العالمي، أصبح التعليم الإلكتروني خيارا استراتيجيا للعديد من الدول حول العالم. ولكن هذا التحول ليس بلا تحديات خاصة عند التطبيق العملي بهذه البلدان ذات الفوارق الاجتماعية والثقافية الواضحة. سنستكشف هنا بعض المعوقات الرئيسية التي تعترض طريق التعليم الإلكتروني في العديد من الدول العربية بناءً على عدة دراسات وأبحاث حديثة.

1. **الوصول إلى الإنترنت والتكنولوجيا**:

تشكل البنية التحتية للتكنولوجيا أحد أكبر العقبات أمام انتشار التعليم الإلكتروني. فوفقًا لتقرير الأمم المتحدة عام 2022، يبلغ معدل انتشار الإنترنت بين سكان المنطقة العربية حوالي 66%، وهو أقل بكثير مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يصل إلى أكثر من 90%. بالإضافة لذلك، توجد تفاوتات كبيرة داخل كل دولة عربية فيما يتعلق بإمكانية الوصول إلى خدمات الإنترنت عالية السرعة والموثوق بها. هذه القضية تتفاقم عندما ننظر إلى المناطق الريفية أو الفقيرة حيث غالبًا ما تكون الخدمات التقنية غير متاحة أو باهظة الثمن بالنسبة للمجتمع المحلي.

2. **الكفاءة الرقمية لدى الطلاب والأساتذة**:

يعتبر عدم الكفاءة الرقمية لدى كلا الجانبين -الطالب والأستاذ- مشكلة أخرى ملحوظة. قد يشعر بعض الأساتذة بالإرهاق بسبب تعلم أدوات جديدة ومختلفة لإدارة الصفوف الدراسية عبر الإنترنت بينما قد يعاني الطلاب من فهم المواد النظرية بطريقة فعالة بدون حضور شخصي مباشر. كما يمكن أن يؤثر الجهل بمبادئ الأمن السيبراني أيضاً بشكل كبير على جودة واستقرار بيئة التعلم الافتراضية.

3. **الجوانب القانونية والثقافية**:

تواجه الحكومات والشركات العاملة في مجال التكنولوجيا تحديات قانونية وثقافية متنوعة مرتبطة بتطبيق نماذج التعليم الإلكتروني. قد تسعى الوزارات التعليمية للحفاظ على قيمها الثقافية وتقاليدها أثناء محاولة مواكبة العصر الجديد مما يخلق تناقضات مستمرة تحتاج للإصلاح المستمر للقوانين والقواعد المنظمة لهذا القطاع الحيوي.

4. **النفقات المالية**:

إن تطوير وبناء نظام حديث للدروس الصفية الافتراضية يتطلب موارد مالية ضخمة سواء كان ذلك لشراء الأجهزة والبرامج المناسبة أم لصيانة شبكة الاتصال الداخلية لكل مؤسسة تربوية. إن القدرة على تحمل تكلفة مثل تلك المشاريع هي أمر مستبعد بالنسبة لكثير من الجامعات والمؤسسات الخاصة الصغيرة والشعبية والتي تعتبر جزء مهم من منظومة التعليم العربي.

5. **القضايا النفسية والإدراكية**:

أظهرت البحوث وجود آثار نفسية واجتماعية محتملة للتعليم الإلكتروني خاصّة خلال فترات الحجر الصحي المفروضة لمكافحة جائحة كورونا (COVID-19). فقد شعر الكثير من الطلاب بالعزلة والعجز الاجتماعي الأمر الذي أثّر سلباً على صحتهم النفسية ولم يكن بوسعهم التواصل بشكل فعّال خارج حدود الشاشة. وقد وجدت دراسة أجرتها جامعة القاهرة أنه رغم ارتفاع مستوى تحصيل المعلومات إلا أن هناك انخفاض ملحوظ في مستوى الدافع الذاتي لدى معظم الذين تابعوا دروسهم عبر الانترنت لأكثر من ستة اشهر .

وفي نهاية المطاف فإن نجاح أي مشروع متعلق بالتعلّم الرقمي يكمن أساسياً في تصميم سياساته العملية بعناية وفهم السياقات الاقتصادية والاجتماعية والدينية والفكرية لهذه المجتمعات المختلفة قدر الإمكان قبل طرح الأفكار الجديدة لها . إذن ، فأغلب دولنا العربية بحاجة ماسة للاستثمار الكبير والاستعداد النفسي والجهد المؤسسي حتى تستطيع القيام بثورة تكنولوجية حقيقة تؤتي ثمارها بلا خسائر اجتماعية كبيرة أو هدر عقائدي/ ثقافي عميق .


ناظم بناني

5 ブログ 投稿

コメント