- صاحب المنشور: أبرار اللمتوني
ملخص النقاش:
مع استمرار المدن حول العالم في تكييف نفسها مع العصر الرقمي، أصبح مصطلح "المدينة الذكية" شائعًا. هذه المدن التي تعتمد على التقنيات المتطورة لإدارة الخدمات العامة والبيئة الحضرية غالبًا ما يتم تسويقها كحل مستدام وموفر للطاقة. ولكن هل هذا صحيح بالكامل؟ هناك جوانب مهمة للتنمية المستدامة قد تتجاهلها المدينة الذكية، خاصة فيما يتعلق بمكافحة تغير المناخ والتي يمكن تسميتها بالتكاليف غير المرئية.
الطاقة الخضراء مقابل الصناعة الدقيقة
التحول نحو المدن الذكية عادة ما يشمل زيادة استخدام الأجهزة الكهربائية والأجهزة الإلكترونية. بينما يركز البعض على فوائد تقليل الانبعاثات الكربونية عبر التحول إلى طاقة الرياح والشمس، فإن إنتاج وتدمير هذه الأجهزة له تكلفة بيئية كبيرة أيضًا. إن عملية تصنيع الشرائح الصغيرة للغاية المستخدمة في الأجهزة الإلكترونية، مثل تلك الموجودة في الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وغيرها، تستلزم كمية هائلة من المياه والصناعات البتروكيماوية عالية الاستهلاك. حتى إعادة التدوير ليست حلاً مثاليًا؛ نظرًا لتعقيد المواد الداخلة في صنع هذه الأجهزة، فإن نسبة كبيرة منها ينتهي بها الأمر في مدافن النفايات العالمية.
الإضاءة الذكية: الضوء الأخضر أم مجرد وهم؟
الإضاءة هي مجال آخر حيث تبدو الفوائد البيئية أقل جلاء مما يبدو. نظام الإضاءة الذكي الذي يعمل بتكنولوجيا LED يقلل بالفعل من استهلاك الكهرباء مقارنة بالإضاءة التقليدية. لكن حياة دورة كاملة للإضاءة الذكية - التي تشمل التصنيع والتخلص النهائي - ليست أخضر دائمًا كما يُعلن عنها. بالإضافة لذلك، بعض أنواع الإضاءة الذكية قد تحتوي على مواد سامة تحتاج لعناية خاصة عند التخلص منها.
البيانات العملاقة: القيمة الحقيقية لها
في قلب أي مدينة ذكية يوجد جمع وتحليل كبير للبيانات. هذا النوع من التعامل الكبير للبيانات يتطلب قدرًا كبيرًا من الطاقة لأجهزة الكمبيوتر والمراكز المركزية. وعلى الرغم من الجهد المبذول لتقليل تأثير البيانات على الغازات الدفيئة، إلا أنه لا تزال هنالك حاجة لمزيد من البحث حول كيفية تحقيق ذلك بطريقة فعالة ومتكاملة ضمن النظام العام للمدينة الذكية.
المساواة الاجتماعية والعدالة البيئية
أخيرًا وليس آخرًا، تعد العدالة الاجتماعية والبيئية أمرًا حيويًا عندما نتحدث عن مدن مستقبلية أكثر ذكاءً واستدامة. قد تؤدي تكنولوجيا المدن الذكية إلى تفاقم عدم المساواة الاقتصادية بين الطبقات المختلفة داخل المجتمع. وقد تكون أيضا مصدر قلق أكبر بالنسبة للفئات الضعيفة مثل الأشخاص الذين يعيشون بدون كهرباء أو اتصال بشبكة الإنترنت الثابتة.
إن تحويل المدن إلى مدن ذكية هو خطوة ضرورية لتحسين الجوانب المختلفة للحياة البشرية. ولكنه يتطلب النظر بعين الاعتبار لكل جانب من جوانب العملية للتأكد من أنها حقاً "مستدامة". وبالتالي، دعونا نواصل العمل على بناء مدن متكاملة اجتماعيًا واقتصاديًا وبيئيا، وأن نجعل شعار "المدينة الذكية" يعني المزيد من التركيز على كل هذه العناصر.