- صاحب المنشور: أنيس البرغوثي
ملخص النقاش:تتزايد أهمية العملات الرقمية مثل البيتكوين والإيثيريوم وغيرها بسرعة في السنوات الأخيرة لتشكل تحدياً كبيراً للعملات الورقية المملوكة للحكومات. هذا التحول نحو التمويل اللامركزي له آثار عميقة ومتعددة الجوانب تتجاوز حدود عالم الكريبتو كوينز إلى قلب النظام المصرفي العالمي والأسواق المالية التقليدية.
من الناحية الاقتصادية، يمكن اعتبار العملات المشفرة منافسة مباشرة للبنوك المركزية التي تتحكم عادة بمجريات الأمور المالية عبر سياسة سعر الفائدة وتقديم القروض. مع انتشار تقنية البلوكتشين، أصبحت العمليات المالية أكثر شفافية وأماناً وأقل تكلفة لأنها تعتمد على الشبكات الموزعة وليس المؤسسات المركزية. هذه العوامل قد تؤدي إلى خفض تكاليف المعاملات والنفقات التشغيلية المرتبطة بالخدمات المصرفية التقليدية.
تأثيرات قصيرة الأجل
على الرغم من عدم الاستقرار الذي يحيط بقيمتها السوقية بسبب التقلبات الشديدة، فقد أدى دخول العملات المشفرة إلى زيادة حجم السيولة العالمية مما ساعد في تعزيز قدرة الأسواق المالية على التعافي بعد الأزمات. بالإضافة لذلك، فإن استخدام العملات الرقمية في التجارة الدولية يساعد التجار والحكومات بتجنب الرسوم المفروضة على تحويلات العملات ورسوم المقاصة. لكن هذا التأثير القصير المدى يأتي مصحوباً بتساؤلات حول استدامته وقدرته على الصمود أمام التدخل الحكومي المحتمل ومخاوف بشأن غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
تأثيرات طويلة الأجل
يتوقع البعض أن يؤدي اعتماد واسع الانتشار للعملات المشفرة إلى إنشاء نظام مالي جديد تمامًا يتحدى هيمنة الدولار الأمريكي كمصدر رئيسي للقيمة العالمية. إذا أصبح مستخدموها يشملوا أغلبية الشعب العالمي، قد تغير العملية الطبيعية للعرض والمطالبة بالسعر الحالي للعملات الرئيسية الأخرى بصورة جوهرية. كذلك، يمكن لهذه العملات تغيير الطريقة التي يتم بها إدارة المخاطر والتخطيط للشركات والأفراد عندما تكون هناك حاجة للتخفيف من تأثير التقلبات السياسية أو الحروب أو حتى الفيروسات مثل جائحة كورونا حاليا.
مع ذلك، يبقى الموضوع مثيرا للجدل حيث ترى بعض السلطات أنه ينطوي على مخاطر كبيرة فيما يتعلق بالأمن والقانون وإنفاذ الضرائب. بينما يدافع مؤيدو العملات المشفرة عنها بأنها تقدم حلاً مبتكراً لمشاكل قائمة منذ زمن طويل. في النهاية، يبدو واضحا أن تأثيرات قرارات العملات المشفرة ستكون ذات أهمية كبرى بالنسبة لنا جميعا سواء اخترنا قبولها أم رفضها.
