- صاحب المنشور: أوس بن زيدان
ملخص النقاش:
في العصر الرقمي الحالي، تحظى التكنولوجيا بأهمية متزايدة كمحرك للنمو الاقتصادي حول العالم. إلا أن هذا النجاح التقني يأتي بتكلفة بيئية هائلة. تُعتبر الطاقة التي تستنفذها الأجهزة الإلكترونية والانبعاثات الكربونية الناجمة عن عمليات التصنيع والتخلص من المنتجات الإلكترونية القديمة تحديات كبيرة تواجه الاستدامة البيئية. لذلك، أصبح هناك حاجة ملحة لموازنة هذه القضايا لضمان مستقبل مستدام اقتصاديا وبشريا وعالما أكثر خضرة وصحة.
التكنولوجيا: محرّك النمو الاقتصادي الحديث
تلعب التكنولوجيا دوراً محورياً في تعزيز الاقتصاد العالمي عبر العديد من القطاعات مثل الاتصالات والخدمات المصرفية وتجارة التجزئة والصناعة وغيرها الكثير. بعض الأمثلة على ذلك تشمل الروبوتات المتطورة التي تسهل العمليات الصناعية وتزيد الانتاجية؛ والحوسبة السحابية والتي أدت إلى زيادة القدرة الحسابية وتحسين توفير البيانات؛ وأخيرا شبكات الإنترنت ذات السرعات الفائقة التي سهلت التجارة الإلكترونية ومنحت الوصول للمعلومات لكل الناس بغض النظر عن مكانهم الجغرافي.
تأثير التكنولوجيا على البيئة: عبء كبير يتطلب حلولاً مبتكرة
مع كل تقدم تقني جديد، تأتي مجموعة جديدة من التحديات البيئية. يعد استهلاك الطاقة أحد أكبر المساهمين في انبعاث غازات الاحتباس الحراري المرتبط بالتكنولوجيا. وفقًا لدراسة حديثة، يستهلك القطاع الرقمي حاليًا حوالي 10% من الكهرباء العالمية وهو ما يعادل الانبعاثات السنوية لأكثر من 88 مليون سيارة خاصة. بالإضافة إلى ذلك، فإن عملية تصنيع واستخدام وإعادة تدوير المعدات الإلكترونية تولد كميات كبيرة من النفايات الخطرة.
الاستدامة مقابل التطور التكنولوجي: تحقيق التوازن
لحسن الحظ، ظهرت العديد من الحلول والمبادرات لتحقيق التوازن بين التكنولوجيا والاستدامة. يمكن للأفراد والشركات اتخاذ خطوات بسيطة ولكن فعالة لتقليل البصمة الكربونية الخاصة بهم. تتضمن هذه الخطوات استخدام منتجات موفرة للطاقة، وتبني أنظمة إدارة الطاقة الذكية، واستبدال معدات الكمبيوتر والبرامج القديمة بأنظمة أقل استهلاكا للكهرباء عند الإمكان. كما تقوم الشركات الرائدة الآن بإدراج المسؤولية الاجتماعية والبيئية ضمن سياساتها الاستراتيجية.
دور الحكومات والدول المتقدمة
يلعب الدور الذي تلعبه الحكومات والأمم المتحدة دور حيوي أيضًا. فقد اعتمد الاتحاد الأوروبي قوانين صارمة فيما يتعلق بإنشاء "اقتصاد دائري" حيث يتم إعادة تدوير جميع المواد - وليس مجرد المواد الخام فحسب. علاوة على ذلك، تسعى الدول الرائدة نحو اعتماد طاقات نظيفة ومستدامة كالطاقات الشمسية وطاقة الرياح للحفاظ على قدرتها التنافسية العالمية مع دعم جهود الحد من تغير المناخ عالميا.
ومن الواضح أنه ليس هناك طريق واحد يصل بنا مباشرة الى المستقبل الأخضر. فالابتكار التكنولوجي ضروري للتقدم الاجتماعي والاقتصادي لكنه أيضا ذو عواقب بيئية جسيمة. ولا بد لنا إذن مما يسميه البعض بـ "الطريق الثالث": طريق يحقق فيه تقدما تكنولوجيا عملاقا بينما نعمل جاهدين لحماية الأرض التي نحيا عليها. إن الطريق المستدام هو الطريق الوحيد الذي يستحق الرحلة حقا.