سأكتب قليلا عن أميركا، أميركا التي يمرض العالم إذا أصابها الزكام، البلد الذي لا يشبهه بلد آخر في الكون، بكل الجدل الذي يحيط بها، بأسلوب الحياة الذي تحوّل إلى ثقافة عالمية، بالابداع والعلم والتطور الذي نشره عبقريوها، بالاحتلال والقتل والتجويع التي فرضتها سياساتها...
لم أزر أميركا قط، لكنها شئنا أم أبينا زارتنا في بيوتنا ومدننا واجهزة هواتفنا، مشتبه من يقول إنه لم يتعامل مع شكل من أشكال الثقافة الأميركية يوما، من ارتداء الجينز إلى استخدام الحاسوب إلى مشاهدة فيلم هوليودي، أميركا ليست دولة فحسب، هي علامة فارقة في التاريخ البشري
لندخل غرف أولادنا أو حتى بَعضنا حين كنّا في مراهقتنا، كانت منتجات أميركا تستهوينا، الموسيقى للبعض، البيبسي والكوكاكولا، كتب ارنست همنغواي، صور مايك تايسون ومايكل جوردان، مفهوم الإنترنت وأول إيميل شخصي، ولاحقا وسائل التواصل، كلها منتجات أميركية استهلكناها وأصبحت جزءا منا
لكن لأميركا أيضا وجه آخر عرفناه، حاملة طائرات تقصف بيروت، وجيوش تغزو العراق، ونظام يدعم الإحتلال الإسرائيلي حتى عندما يقتلنا ويحتل أراضينا، أميركا دكتاتور العالم الذي لا يختلف في بطشه للدول المتمردة عليه عّن أنظمة القمع في منطقتنا من العالم، هذا الوجه أيضا رسخ في عقولنا.
لي أصدقاء أميركيون أحبهم، بل أكثر، لي أقارب أميركيون من لحمي ودمي وهم يحبون بلدهم الجديد ربما أكثر مما كانوا يحبون وطنهم الأم، وهذا حقهم. لا أخفي إعجابي بالجامعات الأميركية وما تقدمه للعالم من علم ومعرفة وتطور ما كان ليحدث لولا الاستثنائية الأميركية.