تأثير التحولات الديموغرافية على الاقتصاد العربي: دراسة مقارنة بين دول الخليج ومصر

مع تزايد عدد السكان وتغير خصائصهم الاجتماعية والاقتصادية، تواجه العديد من الدول العربية تحديات كبيرة لتكييف سياساتها الاقتصادية. هذه الدراسة المقارنة

  • صاحب المنشور: ابتهاج الودغيري

    ملخص النقاش:
    مع تزايد عدد السكان وتغير خصائصهم الاجتماعية والاقتصادية، تواجه العديد من الدول العربية تحديات كبيرة لتكييف سياساتها الاقتصادية. هذه الدراسة المقارنة تهدف إلى فحص الآثار المحتملة للتحولات الديموغرافية على اقتصادات مصر ودول مجلس التعاون الخليجي الست وهي السعودية، الكويت، الإمارات، قطر، البحرين وعمان. سنتناول هنا كيف تؤثر ثلاث جوانب رئيسية - نسبة الشباب، التركيبة العمرية، والمعدلات المرتفعة للبطالة بين الشباب-على أداء القطاعات الرئيسية مثل التعليم, الصحة, العمل وخلق فرص عمل جديدة. بالإضافة إلى ذلك سننظر أيضاً في مدى قدرة الحكومات المحلية على الاستجابة لهذه القضايا وكيف يمكنها تطوير استراتيجيات فعالة تعزز التنمية المستدامة.

تأثير نسبة الشباب العالية

تتميز منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة عالية نسبياً لسكانها الذين هم تحت الثلاثين عاماً. وفقاً لبيانات البنك الدولي لعام ٢٠٢٠، فإن حوالي %61 من سكان المنطقة كانوا أقل من ٣٠ سنة مما يشكل تحدياً كبيراً أمام حكومات المنطقة لإيجاد وظائف مناسبة لهم وللحفاظ كذلك على الخدمات العامة الجيدة خاصة فيما يتعلق بالتعليم والصحة. وفي هذا السياق تبدو الفجوة واضحة عند المقارنة بين معدلات البطالة الشديدة لدى الشباب في مصر والتي وصلت لنسب مرتفعة بلغت أكثر من 43% حسب تقرير صندوق النقد الدولي الأخير(2022)، وبين معدلات بطالة مغذية نوعا ما في أغلب دول الخليج حيث تتراوح عادة ضمن نطاق الـ ١۰٪؜ ، رغم أنها تعتبر مرتفعة بحسب المعايير العالمية. وهذا الاختلاف الكبير يعكس حجم الضغط الاجتماعي والاقتصادي المتفاوت الذي تمثله قضية توظيف الشباب داخل كل دولة.

التأثيرات طويلة المدى للتغيرات الديموغرافيائية

إن فهم معالم تحول هيكل المجتمع العربي مهم لفهم مستقبل الاقتصادات الوطنية. فالتركيبة العمرية لعينة سكانية محددة لها انعكاس مباشر على الطلب على السلع والبنى الأساسية والاستثمار العام. مثلا قد ينتج عن الزيادة الكبيرة في عدد الأشخاص الناشطين اقتصاديا فترة نمو قوي بسبب زيادة الإنفاق الشخصي لكن أيضا سوف يرفع طلب الأفراد بشكل متناسب על خدمات الرعاية الصحية والتعليم والتأمين والمعاشات التقاعدية وغيرها الكثير. ومن ثم فإن السياسات الصناعية والإنتاجية ستكون ضرورية لمنع أي فراغ محتمل في سوق العمالة أو للحيلولة دون تراكم عبء ثقيل على خزانة الدولة تجاه المنظومات التي تقدم تلك الحزم الخدمية الهامة للسكان الأكبر سنّا.

استراتيجيات التعامل مع التحولات الديموغرافية

لتخفيف آثار هذه التحولات الديموغرافية، قامت معظم البلدان بتنفيذ مجموعة متنوعة من التدابير بما في ذلك توسيع الوصول إلى التعليم المهني والتكنولوجي وإطلاق مشاريع مبتكرة للمساعدة الذاتية للشباب وإنشاء صناديق لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم والحوافز المالية الموجهة نحو التشغيل. ورغم اختلاف التجارب بين مختلف دول العالم العربي إلا أنه بالإمكان جمع بعض العناصر الأكثر نجاحاً منها واستخلاص دروس ثاقبة حول أفضل طرق التصدي لهذا التحدي العالمي الجديد.

وفي النهاية، تشير الظروف الدقيقة لكل بلد عربي فريداً حالة الأمر بإصدار توصيات عامة بشأن الحل الأمثل لحالات مشابهة حيث يلعب عوامل مختلفة دورا أساسيا كتوزيع الثروة الطبيعية واتجاه حركة المهاجرين وعدم الاستقرار السياسي والعوامل الثقافية. ولكن عبر تبادل وجهات النظر وتحليل نتائج نماذج مختلفة للدول الأخرى، يستطيع صناع القرار اتخاذ قرارات تستند الى بيانات واقعية تساعدها فى وضع خطوات جريئة تحقق


حسان الدين الغريسي

3 مدونة المشاركات

التعليقات