توقّف قلب مروحة سيارتي، وفي نفس اليوم توقفت بطاقتي البنكية.
واليوم سبت والبنوك لا تعمل، وآخر أسبوعٍ في الشهر الكل متمسّكٌ بسيولته المالية، وقفت أنا وسط الظلام وذكرت ليلة قد مضت، ليلة تعدّت وانتهت .. من عمرها.
لكنها من عمري عيّت تنتهي.
بعد تخرجي من المرحلة الثانوية انطلقت أصارع الحياة الجامعية في جامعةٍ خارج مدينة أهلي.
وأول شيءٍ يعلمك الحرية المالية بصورتها الحقيقية القبيحة؛ هو خروجك من بيت أهلك ومدينتك.
أتى وقت المكافأة بعد مرور شهر، وقاموا باستدعائنا لاستلامها من الإدارة، لأن بطائقنا البنكية لم تصدر بَعد، فسلموها لنا يدويًا، وكانت 990 ريال!!!
استلمت المكافأة وبدأت أعدّها، فلما وصلت إلى الـ 500 ريال أحسستُ أني قارون.
لأول مرة في حياتي يجتمع في يدي مبلغ أكثر من 75 ريال دفعةً واحدة.
فكرت أن أشتري عمارةً في شارع تركي الأول بالرياض، أو أرضًا ملاصقةً لبلاط الحرم في مكة، فكّرت أن أدور العالم كله، فكرت أن أشتري مجسمًا للكرة الأرضية وأفرّه بيدي ثم أضع أصبعي فجأةً وبالغلط على دولةٍ من دول العالم وأسافر لها.
