- صاحب المنشور: إحسان الدين الصالحي
ملخص النقاش:يتناول هذا المقال أهمية اللغة العربية في الحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز الوحدة المجتمعية. يسلط الضوء على الدور التاريخي للغة العربية كرمز لوحدة الأمة وترابطها عبر الزمان والمكان، وكيف يمكن استثمار هذه القوة الناعمة لبناء مجتمع متماسك ومتكامل ثقافياً.
تاريخ اللغة العربية وأثرها في التراث المشترك
تتجاوز أهمية اللغة العربية كونها لغة رسمية للدول ذات الغالبية المسلمة؛ فهي جزء حيوي من تراثنا الثقافي والفكري الذي تشكل عبر قرون طويلة. منذ عصر الجاهلية حتى العصور الإسلامية الذهبية، لعبت العربية دوراً محورياً في حفظ ومناقشة ومشاركة المعارف الإنسانية. إن الكتب العلمية والتاريخية والأدبية التي كتبت باللغة العربية تعد اليوم كنوزاً ثمينة تقدم نظرة ثاقبة لتطور الفكر البشري وسجلاً مفصلاً للتقاليد والعادات المختلفة للأمم والشعوب الواقعة ضمن نطاق العالم الإسلامي.
دور اللغة العربية في وحدتنا الوطنية والثقافية
إن استخدام اللغة الأم -في حالة الدول العربية- كمكون رئيسي في هويتها الوطنية يشجع الشعور بالانتماء ويعمّق روابط المواطنين بعضهم مع بعض. فإتقان المفردات والقواعد النحوية للعربية ليس مجرد مهارة لغوية بل علامة واضحة للمواطنة الصالحة وللارتباط بالقيم المشتركة بين أفراد الوطن الواحد. تساهم وسائل الإعلام المحلية المنتجة بالعربية أيضاً بصورة غير مباشرة في توسيع رقعة الفهم العام للقضايا الدائرة داخل البلاد وخارجها، مما يعزز من قدرتها على حل الخلافات الاجتماعية وعدم الانسجام بطريقة أكثر شمولًا واستدامة مقارنة بوسائل التواصل الأخرى.
تحديات أمام استمرار بقاء العربىّة: خطر "العربيزي" والتكنولوجيا الرقمية الجديدة
مع ازدياد انتشار الإنترنت والتأثير المتنامي للغات الأجنبية خاصة الإنجليزية بسبب توفر المحتوى التعليمي والمعلوماتي عليها، تواجه العديد من الحكومات تحديًا يتمثل بالحاجة لإيجاد توازن مناسب يحافظ فيه الشباب العربي سواء مقيمين أم مغتربين على خيوط الصلة بهويتهم الأصلية بينما يستفيدون أيضًا من مزايا الثورة المعلوماتية الحديثة. وقد ظهر مصطلح جديد يُطلق عليه اسم "العربيزي"، وهو نوع من اللهجات العامية المستندة أساسًا إلى أبجديات اللغتين العربية والإنجليزية ولكنه مكتوب بأبجديات عربية صرف. وبينما يعد هذا النوع الجديد من الاتصال طريقة حديثة للتفاعل الاجتماعي إلا أنه إذا لم تتم ترجمته وتحويله لأشكاله الرسمية فقد يؤدي فعليًا لـ"تحريف" الأصالة العربية الأصيلة وإن كان ذلك ضمناً لحفظ تداوله مستقبلا. ومن هنا تأتي مسؤولية وزارة التعليم والمسؤولين عنها بتوفير بيئة مناسبة داخل المدارس الجامعات لدعم تعلم الطلبة لما له تأثير عميق ومدى بعيد المدى لكل فرد لاحقا خارج جدران المؤسسات الأكاديمية نفسها. \\
وفي النهاية فإن فهم أهمية وجود نظام شامل لقوانين الصحة العامة فيما يتصل باستخدام اللغات على الشبكات الرقمية أمر ضروري للحفاظ على مكانتنا العالمية بهذا الجانب والحيلولة دون طمس جذور حضاريتنا تحت وطأة العولمة الاقتصادية والثقافة الفرنكوفونية تحديداً حيث تصنف الأخيرة كثاني أكبر المجموعات السكانية بعد الصين وفقا لاستبيانات حديثة نشرت مؤخراً حول نمو عدد المستخدمين المنتميين لهذه الأخيرة خلال الأعوام الاخيره والتي قدرت نسب زيادتهم بحوالي ١٠٪ سنويا .