دوافع الغيرة: رحلة داخل النفس البشرية

الغيرة ظاهرة شائعة لدى العديد من الأفراد عبر مختلف الثقافات والمجتمعات. إنها عاطفة معقدة تتشابك فيها مجموعة متنوعة من العوامل النفسيَّة والنفسوجتماعيَ

الغيرة ظاهرة شائعة لدى العديد من الأفراد عبر مختلف الثقافات والمجتمعات. إنها عاطفة معقدة تتشابك فيها مجموعة متنوعة من العوامل النفسيَّة والنفسوجتماعيَّة والعلائقية. يمكن القول بأن جذور هذه المشاعر تكمن في حاجتنا الطبيعية إلى الحب والتقدير والثقة بالنفس. لنستكشف بعض الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى شعور الفرد بالغيرة.

1. الحاجة إلى الأمان والاستقرار العاطفي

في جوهرها، تعدَّ الغيرة رد فعل طبيعي لتوقعاتنا بشأن الأمن العاطفي والحب الدائم. عندما يشعر شخص ما بأنه مهدد بفقدان علاقة هامة، سواء كانت رومانية أم صداقة أم علاقات عائلية، قد تصبح مشاعره متوترة ومؤلمة نتيجة لذلك الخوف من الرفض أو فقدان المحبة. هذا الشعور بالتهديد يمكن أن يولد غرائز غيرة قويَّة تحاول حماية تلك العلاقات الثمينة.

2. النقص الداخلي وعدم التقبل الذاتي

غالباً ما ترتبط حالات الغيرة بنقص داخلي غير محسوس للفرد تجاه نفسه. ربما يرجع ذلك لحالات سوء تقدير الذات أو عدم قبول مظهر الشخص أو مهاراته الشخصية مقارنة بمحيطيه الذين يبدو لهم أكثر نجاحاً أو جاذبية. هنا يأتي دور المقارنة السلبيَّة والتي تساهم بشكل كبير بتغذية مشاعر الغيرة وبالتالي تغذية حالة عدم الاستقرار العاطفي أيضًا.

3. الخوف من الاختلاف والخروج عن المألوف

الكثير ممن يعانون من الغيرة لديهم رهاب عميق نحو التغيير وتقلب مسار الأمور المعتادة حولهم مما يؤدي بهم للشعور بعدم الراحة حين يحدث تغييرات مفاجئة مثل انتقال صديقه المقرب لسكن جديد مثلا وقد يشعرون بخوف شديد لفقدانه بذلك الشكل المرتجل والمعروف سابقاً لحياتهم اليومية بل وحتى لشخصيته الخاصة أيضاً! وهذا التعصب للتغير قد يستتبع موجة كراهية للأطراف الأخرى المنفصلين عنها مؤقتا نظرا لانعدام هيمنة القدر السابق عليها والذي كان آمناً تماما بالنسبة لهؤلاء المتمسكين بحالة ايقاف التشغيل ذاتها منذ زمن طويل إذ تشبه حالتهم الرغبة الجاهدة للحفاظ على حالتها الآلية للوجود دون أي تطورات جديدة تفصل بينهما وبين الماضي البعيد نسبياً إلا أنها مازالت مستمرة ضمن نطاق محدود للغاية .

4. تأثير التجارب السابقة المؤلمة

يمكن لطبع التاريخ الذي يترك بصمة دائمة من الألم بسبب خيانة ثقة الآخرين أو التجربة المريرة للمرارة أو حتى الصدمات المبكرة الطفولة كلها عوامل مؤثرة جدا كمصدر أساسي للغيرة المستقبليه لاحقا خاصة إن لم تتم معالجتها بطريقة سليمه وسامية بإعادة النظر بها مرة أخرى واستيعابها عقليا وعاطفيا وإيجاد حلول عملية لها بدلاً من ترك آثار ندوب تخلف المزيد منها وحديثي الإصابة بتلك الحالة الصحية المعرضة للإصابة المتكررة إذا استمر تجاهلها ولم يتم فهم مواطن الخطإ القديم ومعالجة سبب المرض كاملا قبل التفكير بالعلاج النهائي والقضاء عليه نهائيا..

وفي الأخير فإن إدراك مصدر الاحساس بالحسد يساعد كثيرا باتخاذ القرارات العملية المصاحبة للعلاج الناجع لهذه الحالة فهو أمر مهم لمن يريد تحقيق سلام نفسي شامل وسط بحر مضطرب وانقلاباته العديدة البيولوجية والصعبة نوعا ما ولكن ليس بالمستحيل تجاوز مرحلته الأولى فالقدر الإنساني قادر بدون شك على تجاوز العقبات وتعليم ذواته مكامن قوة وصفات مقاومته الداخلية المنتظرة بالتأكيد لكل فرد لديه شجاعة كبيرة وطموحات أعلى بكثير لما خططه الله تعالى له وللمهنة الجميلة "الشافي" والداعم الروحي للقلوب الصغيرة والكبيرة أيضا.


أريج بن بركة

5 مدونة المشاركات

التعليقات