على الرغم من اعتقاد الكثير بأن مصائرنا، بما في ذلك توقيت زيجاتنا، محددة ومكتوبة بشكل نهائي في عالم الغيب، إلّا أنّ الدين الإسلامي يشجع بشدة على الأخذ بالأسباب بالسعي المستمر واستخدام كافة الوسائل المشروعة لتحقيق رغباتنا. الحديث الشريف يقول: "ولا يرد القدر إلا الدعاء"، مما يُشير إلى قوة تأثير الدعاء والتضرّع إلى الله سبحانه وتعالى في تبديل الأمور ومعالجة الظروف الصعبة.
وفي سياق فهم العلاقة بين "القَدَر" و"الإنسان"، فإن هناك تصنيفاً واضحاً للقدرات الإلهية كما ذكرها علماء المسلمين مثل الشيخ ابن تيمية. فالقدَر تنقسم إلى قسمين رئيسيين: القدَر المبرم والمطلق، والذي غالبًا ما يعرف باسم القدَر المثبت؛ فهو علم الله الواسع بكل شيء قبل خلق العالم، ويُعتبر غير قابل للتغيير أو التدخل. أما النوع الآخر فهو القدَر المُعلّق أو المقيد، وهي تلك الأحكام التي تُكتب لدى الملائكة ولكن يمكن تغييرها بناءً على أعمالنا وسلوكياتنا اليومية. مثالٌ لذلك هو تحديد طول الحياة أو العمر أو مقدار الرزق، والتي رغم كون جزء منها مُحدَّدًا ومُسَمًى منذ القدم، يمكن تعديله بناءً على جهود الفرد وتفاعلاته الاجتماعية والأعمال الصالحة التي يقوم بها.
وكذلك الحال بالنسبة للزواج، فعند تأويل آيات قرآنية مثل {يُمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: ٣٩] والنبي محمد صلى الله عليه وسلم حين قال: "من سرَّه أن يبسط له في رزقه...", فإن مدلوله يدعم فكرة التأثير النفعي للأفعال البشرية في مجالات مختلفة ومن ضمنها مساعي البحث عن الشريك المناسب والحياة الزوجية المستقبلية. وبالتالي يمكن النظر إليها كمزيج حيوي بين دور الإنسان في اختياراته وإراداته الشخصية وتوجيه رب العالمين للإرشاد والدعم عبر الدعاء والصلاة المؤمنة بإجابة دعوة عباده.
ختامًا، ليس هدفنا هنا التقليل من أهمية إيماننا بالقضاء والقدر، بل تشجيع مجتمع متوازن يقيم قيمة كبيرة لجهوده الذاتية بينما يحافظ أيضًا على ثقافة الاحترام العميق لإرادة الخالق وحكمته في ترتيب المصائر بطريقته الخاصة لنا.