من لحظة الحمل وحتى الولادة، يمر الجنين بتغيرات هامة لتجهيز نفسه للعيش خارج بطن الأم. أحد هذه التغيرات هو عملية تنمية الرئتين والاستعداد لبدء أول شهيق بعد ولادته. بينما يعتمد الطفل أثناء وجوده في الرحم على المشيمة للحصول على الأكسجين والمواد المغذية الضرورية، فإن رئتيه هما العضوين الرئيسيين المسؤولين عن استكمال هذا الدور بعد ولادته. دعونا نستكشف بكيفية تنفس الطفل قبل وأثناء فترة مكوثه في بطن أمه.
في بداية مراحل الحمل المبكرة، تكون رئتا الجنين صغيرتان ومجوفة تقريبًا. ومع ذلك، مع تقدم فترة الحمل وتطور الجهاز التنفسي لدى الجنين، تبدأ الخلايا الهوائية الصغيرة المعروفة باسم "البصيلات" بالتكوين والتوسع بشكل تدريجي. بحلول الأسبوع الـ٢٠ إلى ٢٤ من الحمل، تصبح البصيلات متطورة بدرجة كافية لاستيعاب سائل الأمنيوتيك المحيط بالجنين والذي يحتوي على كميات محدودة من الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون. وهذا يساعد الجنين على التدرب على حركة الشهيق والزفير حتى وإن لم تكن فعالة تمامًا مقارنة بما سيحدث عند الولادة.
خلال الفترة المتبقية من الحمل، يستمر نمو الرئة بوتيرة سريعة. يتم تطوير بطانة الرئة الداخلية التي تسمح بامتصاص الغازات مثل الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون بكفاءة عالية. بالإضافة إلى ذلك، تشكل الأنابيب الهوائية والشعب الهوائية والحبال الصوتية بنيتها النهائية لتحضيرها لانطلاقها لأول مرة بعد خروج الطفل من بطن أمّه.
ومن الجدير بالذكر أنه مع اقتراب موعد الولادة، يعمل الجسم على تحويل إفرازات مخاطية تغطي رئتَيْ الجنين خلال الوقت الذي يقضيه داخل الرحم لمنع تعرضهما للإصابة بالالتهاب الفيروسي المحتمل. وعندما يصل اليوم المنتظر، يقوم هرمون الكورتيزول بإحداث تغيير رئيسي آخر: فهو يحفز إنتاج بروتينيان أساسيان - الريسبرتورسور فالسبيتامين دي-أكتافلد - اللازمَين لتثبيت رئتَي الطفل واستعدادهما للعمل الفعال عقب دخوله العالم الخارجي مباشرةً.
وبالتالي، فإن كل مرحلة من مراحل النمو الحاسمة لهذه الأعضاء الثمينة تمثل خطوة نحو إتمام العملية التشغيلية الطبيعية للأعضاء الجديدة؛ مما يؤكد براعة تصميم الله سبحانه وتعالى لجسد الإنسان منذ اللحظات الأولى لنشأة الحياة فيه!
