يتناول علم النفس العديد من الجوانب المعقدة للكون البشري، لكن أحد أكثر المجالات إثارة للاهتمام هو دراسة الشخصيات البشرية وكيف تشكل سلوكياتنا وردود أفعالنا تجاه العالم من حولنا. يعد فهم شخصية الفرد جزءاً أساسياً من التقدم الاجتماعي والعاطفي، سواءً كان ذلك ضمن العلاقات الشخصية أو البيئة العملية. يسمح التحليل النفسي للشخصيات بتحديد سمات معينة تساعد في توضيح كيفية رؤية الناس للعالم والتفاعل معه.
يمكن تقسيم الأشخاص عامة إلى أنواع مختلفة بناءً على خصائصهم الشخصية. قد يركز البعض على جانب واحد مثل القيادة القوية أو الاهتمام الشديد بالأمان، بينما يتمتع آخرون بمزيج فريد من الصفات التي تصعب تصنيفها بشكل دقيق. يستخدم علماء النفس نماذج متعددة لفهم هذه الأنواع المختلفة؛ ومن أشهر تلك النماذج نموذج "بي بي تي جي"، والذي يقسم الشخصيات إلى خمس مجموعات رئيسية هي: الانفتاح (أو الانطواء)، الجدّيَّة (أو الاسترخاء)، العصبية (أو الثبات)، توافق الرأي (أو التوافق الاجتماعي)، والثقة بالنفس (أو الخجل).
الانفتاح يشير إلى مدى ميل شخص ما لاستكشاف تجارب جديدة والانخراط فيها. الأذكياء غالبًا ما يكونون مفتوحين للأفكار الجديدة ويتمتعون برغبة قوية في التعلم المستمر وتجربة أشكال مختلفة من الثقافة والفن والأدب والموسيقى وغيرها. بالمقابل، يمكن اعتبار الأفراد الذين ينتمون لقطب الإنطوائيين هم الأكثر راحة عندما يحظون بحرية التفكير الذاتي والاستكشاف الداخلي بدلاً من الحشود الاجتماعية أو المواقف غير المتوقعة.
أما بالنسبة للجدِّيَّة مقابل الاسترخاء فتتعلق بكيفية تعامل الشخص مع الضغط والتحديات اليومية. الأشخاص الجادون عادة ما يكونوا منطقيين وموضوعيين ويسعون لتحقيق الأهداف بصورة مستمرة، مما يعني احتمالية أعلى لمواجهة مشاكل القلق وسوء إدارة الوقت بسبب طبيعة طموحاتهم المقيدة بشروط زمنية محددة. وعلى الجانب الآخر، يسعى هؤلاء ذوو الطابع الاسترخائي للحفاظ على هدوئهم حتى في أحلك الظروف وقد يبدو لهم الأمر سهلاً مقارنة بغيرهم ممن لديهم حاجة ملحة للتخطيط الدؤوب والسعي نحو المثالية بأقل قدر ممكن من الراحة والنعم الدنيا.
العصبية تمثل درجة حساسية وشدة رد فعل الإنسان تجاه المحفزات الخارجية كالرسائل الغامضة أو التجارب المؤلمة أو القرارات المصيرية. الأفراد شديدي العصبيّة يميلون لتوجيه تركيز كبيرعلى تفاصيل الحياة الصغيرة بشكل مفرط ويتخذون موقف دفاعي حيال أي شيء تهديد محتمل بسيط أو ليس كذلك غالبًا. أما أولئك ذوي الطبيعة الأكثر استقرار عاطفيًا فسوف يعبرونعن ارتياح واضح وحالة ذهن مستقرة نسبياً عند مواجهتهم لأحداث مشابهة مما سبق سرد وصفاته .
التوافقي هو صفة أخرى ترتكز على القدرة المجتمعية لكل فرد والتي تؤثر مباشرة على مدى نجاح التواصل بين أفراده داخل مجتمع صغير داخل منظومة العمل مثلا ، فهو يدفع بالحاجة لإقامة روابط اجتماعية تشبه الصداقة والإخلاص ومساعدة زملاء المهنة أثناء أدائهم للمهام المشتركة بالإضافة لأن لديه رغبةبدور رائد فيما يتعلق بالقضايا الأخلاق العامة وحرصه الواضح اتجاه احترام القانون العام وخلال عملية التدريب الخاصة بهذا النوع خاصتا سيظهر هنا أهميته القصوى وسط مجموعة الفريق وذلك لأنه قادرعلى توحيد وجهات الآراء والحيلولة دون نشأة خلافات كبيرة بلا داعٍ تلحق ضرراً بالإنتاج النهائي للعمل كله .
وأخيراً وليس آخراً هناك نمط ثقة ذاتي مكتسب عبر سنوات طويلة ربما منذ بداية مرحلة الطفولة إذ تتولد مبكر جدا لدى الطفل حسب البيئات التربوية المؤثرة عليه آنذاك وهذه الخاصية تتمثل بدرجة تحمل المخاطر واتخاذ القرارت الهامة بنفسه بعد البحث والتفكير مليا كما أنها تربطه ارتباط وثيق بحس المسؤولية الشخصية وبالتالي فإن مستوى فعالية وجودته ستتأثر كثيرا بسلوكه المعتمد عليها خاصة اثناء فترة الشباب المبكرة حيث تبدو الأمور أمامه محفوفة بالمستقبل الزاهر والأماني الجميلة ولكن تحت مظلات منطقية واقعية أيضا وهي ليست مجازفة بل إنها خطوات مدروسة جيدا ومعياريتها واضحة للجزم بها وفق قاعدة لاتخاذ طريق وسطى مناسب لبنيانه العقلي والجسدى وفكرياته الجامعه قبل القطع باتباع مسارات شتي بدون معرفتها مقدماً ربما يؤدي الي ضنك العيش والصراع الداخلى لاحقا وصرف المزيد من الطاقة اللازمة للاستمرار بالحياة بشكل عام ولذلك فان هذا النهج مطلوب للغاية لمن يرغب الوصول لحاله نفسانيه صحيه ونوع جديد تماما نوعيته مختلف تمام الاختلاف عن سابقوه مهما بلغ عدد المدروسين سابقه له!
هذه بعض خصائص الشخصيات الإنسانية الأساسية حسب منظور نظرية "بي بي تي جي". إن استخدام هذه الأدوات يساعد الفرد في اكتساب فهما أعمق لنقاط قوة وضعفه الذاتية وفي تحسين علاقاتَه interpersonal skills وعليه أيضاً تحديد توقعات الواقع الواقعية لما يحتاج إليه بالفعل كي يصل لطموحاته وتحقيق سعادتُه المنشودة بإذن الله تعالى .