- صاحب المنشور: الهواري العماري
ملخص النقاش:
أدى جائحة كوفيد-19 إلى تحولات كبيرة ومستدامة في العديد من جوانب الحياة البشرية. ومن بين هذه التحولات، أثرت الجائحة تأثيراً بالغاً على الصحة النفسية للأفراد حول العالم. لقد تسببت القيود المفروضة بسبب الفيروس، مثل الحجر الصحي والإغلاق والتباعد الاجتماعي، في زيادة مستويات التوتر والقلق والاكتئاب لدى الناس. بالإضافة إلى ذلك، فقد أدت الأزمات الاقتصادية الناجمة عن الوباء إلى تفاقم المشكلات النفسية القائمة وتقديم تحديات جديدة للعلاج النفسي والدعم.
في هذا المقال، سوف نستكشف العلاقة المعقدة بين جائحة كوفيد-19 والصحة النفسية عبر عدة محاور رئيسية. سنبدأ بمناقشة التأثيرات الفورية للجائحة على الصحة النفسية ثم نتطرق بعدها لتقييم مدى تأثير المقاييس الصحية العامة والاقتصادية على الوضع النفسي العام للمجتمع. كما سنلقي نظرة فاحصة على الطرق التي أثرت بها التدخلات الحكومية والجهود المبذولة لمواجهة الوباء مباشرة على الحالة النفسية للسكان المستهدفين لهذه السياسات. وأخيراً، سنتناول بعض الحلول المحتملة والمبادرات الواعدة التي يمكن لها تخفيف الأعباء المتراكمة والنظر بعيون الأمل في طريق التعافي من آثار الوباء على الصحة النفسية.
الآثار قصيرة وطويلة المدى
لقد كانت ردود فعل الأفراد تجاه الجائحة متفاوتة وغير منتظمة. حيث ظهرت مجموعة متنوعة من الأعراض المرتبطة بصدمة عدوى كوفيد-19، تتراوح بين اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب الرهاب حتى الاكتئاب الشديد وتعاطي المخدرات السرِّي. وقد أفادت الدراسات بأن انتشار هذه الأمراض قد ارتفع بشكل عام خلال فترة الوباء مقارنة بفترة ما قبل ظهور الفيروس؛ مما يشير إلى حاجة ملحة لإعادة النظر في استراتيجيات الوقاية والعلاج التقليدية المتعلقة بقضايا الصحة النفسية.
العلاقات الثنائية: الصحة العامة مقابل الصحة النفسية
إن وجود علاقة وثيقة وقائمة بذاتها بين الصحة العامة والصحة النفسية أمر يستحق المزيد من البحث العلمي. فعلى الرغم من التركيز الكبير الذي يوليه المجتمع الطبي حالياً نحو مواجهة الإنفلونزا الموسمية والالتهابات التنفسية الأخرى، فإن نادراً ما يتم النظر إلى الجانب النفسي للتداعيات الاجتماعية والصحية الاجتماعية الكبرى مثل تلك التي سببها وباء كورونا المستجد. وهذا ينسحب أيضاً على البعد الاقتصادي للوباء وما يلحقه من ضغط نفسي واقتصادي واسع الانتشار داخل الأسواق المحلية وخارجها.
تدخل الحكومة وإدارة النظم العلاجية
لا يجب أن تكون الأولوية الوحيدة للحكومات هي مكافحة المرض نفسه. إنها -أيضًا- مطالبة بتوفير الدعم اللازم لسكانها فيما يتعلق بحماية صحتهم النفسية أثناء وبعد انتهاء الموجة الأولى من الوباء. تشير الأدلة الحديثة إلى أنه عند تطبيق إجراءات غير ديمقراطية لاحتواء تفشي مرض معدي عالمي، ترتفع معدلات الاحتجاج الشعبي والسخط السياسي نتيجة لذلك. وهذه الظروف المضطربة تساهم بلا شك في ازدياد الضغط الذاتي والفردي لكل شخص مضطهد أو مهمش اجتماعيا. وفي واقع الأمر، فإن تقييد الحريات الشخصية والاستخدام المفرِط لقوة الدولة ضد المواطنين قد يؤثر بشكل سلبي عميق على تماسك المجتمع واستقراره العاطفي والمعنوي طوال مدة الأزمة.
خارطة الطريق نحو التعافي
لتجاوز العقبات الحالية وتحقيق تقدم مستدام، ستحتاج المؤسسات الرسمية والشركات الخاصة ذات الصلة إلى إعادة تركيز جهودها على تطوير خدمات علاجية شاملة وشاملة تستوعب احتياجات جميع شرائح السكان المختلفة، خاصةً الأقليات والأسر ذوات الدخل المنخفض والعاملين بالأعمال المنزلية