يلعب الأمن الاقتصادي دوراً حاسماً في تحقيق التنمية المستدامة، وهو ما يعترف به المجتمع الدولي باعتباره أحد الركائز الأساسية لأي خطة تنموية ناجحة. هذا الرابط الوثيق بين الأمن الاقتصادي والتنمية المستدامة له جوانب عديدة تستحق التأمل والنظر الدقيق. سنستعرض هنا هذه الجوانب لتوضيح مدى تأثير الأمن الاقتصادي على مسار النمو الشامل والمستقر.
الأمن الاقتصادي يشير إلى القدرة على ضمان استقرار النظام الاقتصادي وتقدمه مع الحفاظ على العدالة الاجتماعية والاستعداد لمواجهة المخاطر غير المتوقعة. يمكن النظر إليه كقوة دفع أساسية للتنمية المستدامة؛ فبدون بيئة اقتصادية مستقرة ومنظمة بشكل جيد، قد يصبح الوصول إلى التنمية تحدياً مستحيلاً.
في البداية، يُعتبر الأمن الاقتصادي عاملاً أساسياً لخلق فرص عمل وزيادة دخل الفرد، وهما أمران ضروريان لتحسين الظروف المعيشية وتحقيق رفاهية الشعب. عندما تكون هناك سياسة مالية واضحة ومستقرة، تصبح الاستثمار أكثر جاذبية لأصحاب الأعمال والمستثمرين المحليين والدوليين مما يؤدي إلى خلق المزيد من فرص العمل وإنتاج سلع وخدمات جديدة تساهم في الناتج المحلي الإجمالي.
بالإضافة إلى ذلك، يعد الأمن الاقتصادي ركيزة مهمة للاستجابة للحالات الطارئة والأزمات. خلال فترات الأزمات مثل حالات الكوارث الطبيعية أو الصراعات، يحتاج الاقتصاد القوي والآمن إلى المرونة بما يكفي للتكيف والتكيف مجدداً حتى يتمكن من دعم السكان والحكومة أثناء التعافي.
ومن منظور طويل الأمد، فإن السياسات المالية الرشيدة التي تضمن الإنفاق الأمثل للموارد الوطنية هي جزء أساسي من بناء دولة مزدهرة ومتطورة. إن إعادة توجيه عائدات النفط وغيرها من الثروات الطبيعية نحو التعليم والبنية التحتية والصحة العامة ليس فقط يساعد في تقليل الاعتماد السلبي على صادرات المواد الخام ولكن أيضا يدعم تشكيل قاعدة إنتاج مهارات عالية تديم نمواً مستداماً.
على الرغم من أهميته، إلا أنه ينبغي الاعتراف بأن تحقيق الأمن الاقتصادي ليست مهمة سهلة بسبب تعقيد العوامل المؤثرة فيها والتي تتضمن عوامل وطنية ودولية مختلفة منها السياسات الحكومية الداخلية والعلاقات الدولية والقضايا البيئية العالمية وغيرها الكثير. ولذلك فهو يستوجب نهجاً شاملاً ومستجيباً لكل تلك العوامل لإدارته بكفاءة وبشكل شامل.
وفي خاتمة الأمر، يبقى واضحا أن الأمن الاقتصادي هو عامل حيوي لدفع عجلة التنمية المستدامة ولا يمكن فصل عملهما عن بعضهما البعض. فالعمل للأمن الاقتصادي يعني بذل جهود مضاعفة لحماية المكتسبات الحالية وتعزيز المساعي المستقبلية نحو عالم أكثر ازدهارا واستقراراً وعدلا اجتماعياً.