المخاطر المالية هي ظاهرة معقدة ومتعددة الجوانب تؤثر بشكل كبير على الاستقرار الاقتصادي العالمي والشركات المحلية والمستثمرين الأفراد على حد سواء. تتضمن هذه الظواهر مجموعة متنوعة من العوامل التي قد تهدد استدامة وتطور النظام المالي، بما في ذلك تقلبات أسعار الفائدة، وأسواق الأسهم المضطربة، والتغيرات الحادة في قيم العملات، بالإضافة إلى المخاطر المرتبطة بالإقراض والاستثمار.
في قلب أي نظام مالي سليم يكمن فهم وحساب المخاطر المالية بدقة. هذا يعني تحديد الاحتمالات المحتملة للخسائر المحتملة واستراتيجيات التخفيف منها قبل حدوثها. يُعتبر التحليل النوعي والكمي للمخاطر خطوة حاسمة نحو اتخاذ قرارات مستنيرة ومحكمة. يمكن تصنيف المخاطر المالية عادةً إلى فئتين رئيسيتين: مخاطر السوق ومخاطر الائتمان.
مخاطر السوق
تشير مخاطر السوق إلى التقلبات غير المتوقعة في القيمة النقدية للأصول بسبب عوامل خارجية مثل تغيرات معدلات الفائدة أو المستويات العامة لأسعار الصرف أو أداء سوق الأوراق المالية. تشمل أمثلة هذه الأنواع من المخاطر "مخاطر سعر الفائدة"، والتي تحدث عندما يؤدي ارتفاع أو انخفاض سعر الفائدة إلى تغيير الربحية المستقبلية لأداة دين معينة؛ و"مخاطر صرف العملات"، والتي تنشأ عند تبادل عملة واحدة مقابل أخرى عبر الحدود الوطنية; وأخيراً "مخاطر الأسهم" الناجمة عن تقلبات مؤشرات البورصة.
مخاطر الائتمان
على الجانب الآخر، ترتبط مخاطر الائتمان بخطر عدم القدرة على تحصيل الديون المستحقة من المقترضين الذين ربما يعانون من مشكلات مالية. تعتمد درجة الخطر هنا غالباً على قدرتهم على توليد التدفق النقدي اللازم لسداد الدين الرئيسي والفوائد المرتبطة به. إن تقدير احتمال التعثر المالي لدى العملاء المحتملين أمر ضروري لتقييم مدى تعرض المؤسسة المصرفية لمثل تلك المخاطر.
بالإضافة لذلك، هناك أنواع أكثر تخصصاً من المخاطر المالية تستحق الذكر أيضاً. مثلاً، تُعرف "مخاطر السيولة" بأنها خطر مواجهة صعوبات مالية نتيجة لعجز الشركة عن تغطية متطلباتها القصيرة المدى للنقد والسوائل كافية, بينما تمثل "مخاطر التشغيل" تعريض المنظمة للتوقف المؤقت أو الجزئي لأنظمتها الداخلية مما يعرقل تقديم الخدمات الرئيسية لها وبالتالي التأثير على نشاط الأعمال اليومي. أخيرا وليس آخرا، فإن "مخاطر الرأي العام" تشير الى تأثير الشائعات والأخبار المغلوطة وغير الضرورية بشأن البيئة التشغيلية للشركة وكيف أنها قد تهز ثقة الجمهور بها وبالتالي تلحق خسائر بحجم أعمالها برغم سلامتها وظروفها الصحية الأخرى.
إن إدراك وجود ومعرفة كيفية التعامل مع مختلف أنواع المخاطر المالية يعد جزءا حيوياً في إعداد الخطط الوقائية وإجراء عمليات مراجعة دورية وضمان حسن سير الأمور داخل القطاع المالي عموما وفي سوق رأس المال خصوصاً. ومن خلال تطبيق منهج شامل لإدارة هذه المخاطر ، يستطيع اللاعبون الرئيسيون في المجال المالي -وليس فقط مؤسسات الإيداع التجارية والصناعية- تحقيق حالة مستقرة وطويلة الأجل وذلك بالاستناد مباشرة لما سبق ذكره سابقاً تحت عنوان 'تقلبات أسعار الفائدة' وما يلي ضمن فقرة 'التغيرات الحادة لقيم العملات'.
وفي نهاية المطاف، يجب اعتبار فهم وتعزيز ثقافة السلامة ضد كل نوع من هذه المخاطر ليس مجرد عبء قانوني فقط ولكنه أيضا فرصة لتوفير بيئة اقتصادية صحية لكل المجتمعات البشرية بغض النظر عن اختلاف أحجامها ونوعيتها وقدراتها المختلفة بكثير .