- صاحب المنشور: عبد الباقي بن عمر
ملخص النقاش:
في عالم يتشكل بسرعة، تواجه مؤسسات التعليم العالي تحديات كبيرة. هذه الأخيرة التي كانت تُعتبر سابقاً البوابات الرئيسة نحو مستقبل أفضل للعديد من الطلاب حول العالم، تتعرض الآن لأزمات متعددة الأوجه. تتضمن هذه الأزمات ارتفاع الرسوم الدراسية، القضايا المتعلقة بالتقارب بين الجامعات والقطاع الخاص، بالإضافة إلى التأثير المستمر لجائحة كوفيد-19 على البنية الأساسية لهذه المؤسسات.
ارتفاع تكاليف التعليم: عبء مادي هائل
واحدة من أكثر المشاكل شيوعاً هي الزيادة الدورية في رسوم التعليم. هذا يمثل مشكلة خطيرة خاصة بالنسبة للطلاب ذوي الخلفيات الاقتصادية المنخفضة الذين قد يشعرون بأن حلمهم بالحصول على تعليم عالٍ أصبح بعيد المنال بسبب الضغوط المالية.
بالإضافة لذلك، فإن التحول نحو التعلم عبر الإنترنت خلال جائحة كوفيد-19 أدى أيضا إلى زيادة التكاليف التقنية اللازمة لتوفير بيئة تعليمية فعالة رقمياً. هذا يعني أنه حتى لو كان يتم تخفيض بعض المصاريف الأخرى نتيجة نقص الحاجة للأكاديميين أو الغذاء مثلاً، إلا أنها غالبا ما تكون محلنة بتكاليف أخرى.
علاقة الجامعات بالقطاع الخاص
تتزايد أيضاً المخاوف بشأن مدى استقلال الجامعات وكيف يمكن لها الحفاظ على قيمتها الأكاديمية مع تقديمها لخدمات أكثر عمليا ذات طابع تجاري تشجع عليها الشركات الكبرى والمستثمرين الخارجيين. هناك خطر حقيقي بأن تصبح الجامعات مجرد شركات ربحية بدلاً من مراكز معرفية مستقلة.
ومن جانب آخر، هناك جدالات حول ما إذا كانت هذه العلاقات مع القطاع الخاص ستساهم حقا في تحسين جودة التعليم أم أنها ستؤدي إلى انحياز المحتوى العلمي تجاه مصالح تلك الشركات. كما يُثار تساؤلات حول كيف يمكن للحكومات تنظيم مثل هذه العلاقات وتوجيهها لتحقيق هدف عام وهو تمكين الطلبة وتحقيق العدالة الاجتماعية وليس تحقيق الربح فقط.
تأثير الجائحة العالمية والكورونا خصوصاً
وأخيرا ولكن ليس آخراً، تأتي قضية تأثير كوفيد-19 على نظام التعليم العالي. لقد فرضت الفيروس عدة تغيرات مفاجئة وضغط كبير على النظام الحالي للتعليم الجامعي. فقد انتقلت العملية التدريسية فجأة إلى البيئات الرقمية مما خلق تحديات جديدة أمام المعلمين والإدارات والجوانب اللوجستيكية للمعاهد نفسها.
كما أثرت الجائحة كذلك على الجانب النفسي والعاطفي للطلبة والمعلمين حيث اضطروا للتكيف مع الواقع الجديد الذي جاء مصحوبا بحالة غير مؤكدة وغير طبيعية. بالإضافة لهذا، فقد تركت العديد من العائلات وأسر الطلاب بدون موارد مالية كافية لدعم دراسات أبنائهم بعد تضرّر اقتصاد الكثير منهم.
وفي النهاية، تبقى أزمة التعليم العالي فرصة لإعادة النظر في بنياننا التربوي وإيجاد حلول مبتكرة لمواجهة التغيرات المقبلة بطرق أكثر مرونة واستدامة تساعد الجميع - طلابنا ومجتمعنا بأكمله – على الاستفادة المثلى من فرص القرن الواحد والعشرين الحديثة.