• صاحب المنشور: برهان الشاوي
  
  ملخص النقاش:
  

  في عصرنا الحالي الذي يزخر بالتطورات التكنولوجية المتسارعة، أصبح للتكنولوجيا تأثير عميق ومتعدد الأوجه على حياتنا اليومية. ومن بين المجالات التي تأثرت بشكل كبير هي الصحة النفسية للإنسان. بينما تقدم لنا هذه التقنيات العديد من الفرص لتحسين التواصل وتوفير الدعم النفسي والإرشاد، إلا أنها قد تحمل أيضاً مخاطر محتملة تتعلق بالرفاهية العقلية والجسدية.

من ناحية الإيجابيات، توفر التطبيقات والأدوات الرقمية مجموعة واسعة من الخدمات الصحية النفسية عبر الإنترنت، مما يتيح الوصول إلى العلاج والاستشارة للمرضى الذين يعيشون في مناطق نائية أو مجبرين على العمل لساعات طويلة وغير قادرين على زيارة المحترفين شخصياً. يمكن لهذه المنصات تقديم جلسات علاج نفسي فردية وجماعية، بالإضافة إلى دورات تدريبية وتعليمية حول إدارة الضغوط والتواصل الفعّال والصحة العامة والعناية بالنفس. كما سهّل اختراع الأدوية الافتراضية مثل نظارات الواقع الافتراضي وعلاج تفاعل الغمر الواقعي عملية إعادة التأهيل للأفراد المصابين باضطرابات عصبية ودماغية مختلفة كالخرف واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والاكتئاب الشديد.

على الجانب الآخر، هناك عدة جوانب سلبية لتأثيرات التكنولوجيا على الصحة النفسية. يعد إدمان وسائل التواصل الاجتماعي أحد أكثر المشكلات شيوعاً والتي تؤدي غالبًا إلى مشاعر عدم القيمة الذاتية والشعور بالعزلة الاجتماعية وانخفاض تقدير الذات لدى المستخدمين بسبب المقارنة المستمرة مع الحياة المثالية لأصدقائهم ومتابعيهم. كذلك فإن التعرض الزائد للشاشات الإلكترونية يؤثر بالسلب على النوم ويسبب اضطرابات جودة النوم مما يساهم لاحقا بأمراض صحية نفسية أخرى كالقلق والاكتئاب.

بالإضافة لذلك، فقد أدت زيادة الاعتماد على التكنولوجيا أيضًا لضعف مهارات حل المشاكل الشخصية لدى الأفراد حيث لجؤوا لرسم خريطة القرارات بناءً على نتائج بحث بسيط عبر محركات البحث عوض طرح الأسئلة مباشرة ممن هم ذوي خبرة أكبر منهم كما كان متبعا سابقا.

وفي الأخير، فإنه من الواضح بأن تكنولوجيا المعلومات تمتلك القدرة لحمل كلٍ من المفاضلات الجيدة والمضرة بالنسبة لصحتنا الذهنية. ولذلك بات ضروري تواجد توازن مدروس فيما يتعلق باستخدام تلك التكنولوجيا لإدارة حياتنا اليومية بكفاءة قدر المستطاع واستثمارها بشكل مفيد بعيدا عن الآثار الجانبية المضره للصحّة النفسيه.