العطر فنٌ راسخ يمتد جذوره عميقاً في تاريخ البشرية، حيث سعى الناس عبر العصور لتحقيق روائح فاخرة تعكس جمالهم وتزيد جاذبيتهم. تتعدد طرق صنع العطر ولكن أساسياته تبقى ثابتة تقريباً؛ فهي عبارة عن ثلاث عناصر أساسية هي الماء والكحول والصبغات اللون والحفظ. هذه التركيبة الأساسية يمكن تعديلها بإضافة مجموعة متنوعة من الخواص العطرية المستمدة من ثلاثة منابع رئيسية: نباتية، وحيوية وصناعية.
في مجال الخامات النباتية، تحتل الأزهار مكانة هامة كونها مصدر مهم للزيت العطري. تشمل قائمة هذه الموارد الطبيعية الغنية روائح الياسمين والورد والجوري وخزامى الأقحوان وزهرة اللافندر وشجر الحور الذكر وزهر الإكسير والفلفل وجذر الهيل ونبتة الشعير الأخضر وعشبة الريحان وأخشاب سنط البهنودي والقرفة والشمر البلدي وغيرها الكثير. تتم عملية الاستخراج عادة للأجزاء المختلفة للنبات بما في ذلك الأوراق والبقع والإزهار والنقيع والساق والجذور والتوت وما إلى ذلك. أما بالنسبة للمنتجاتالحيوانية، فإنها تساهم بشدة في الثبات والعمق الرائعين للعطور وذلك بسبب طول عمر رائحتها. ومن الأمثلة الشهيرة لهذه المنتجات كستر قنادس الزبد وكاسيدي زربات ومسك إيباس إله وبراز الحيتان الشمعي المعروف بخاصيته الفريدة المتمثلة بالقابلية للتغيّر بناءً على درجاترارة البيئة المحيطة مما يعطي لكل قارورة عطراً خاص بها وفريد تماماً.
وفي جانب آخر، تلعب المواد الصناعية دوراً محورياً في تطوير عجائب جديدة لعالم التصميم العطري الحديث. فقد أدت التقنيات الحديثة لإنتاج المواد الكيميائية مثل القطران والمشتقات النفطية والبنزينولات الاصطناعية دور فعال في إنشاء تركيبات مختلفة تحمل خصائص مشابهة لنظائرها الطبيعية لكن بتكاليف أقل نسبياً. تجدر الإشارة هنا أنه رغم كون معظم المحسنات الكيماوية فعالة إلا أنها قد تخلو من العمق والرائحة الدائمة التي تميز الأنواع المصنوعة بطرق طبيعية أكثر تكلفة بكثير. ولذلك يتم استخدام الجمع المثالي للمكوّنات سواء كانت عضوية أم اصطناعية لينتج عنها نتاج ذو رائحة مثيرة تغزو مخيلة مرتديها وتمكنه من تحقيق أقصى قدر ممكن من التألق الشخصي وتعزيز هويته الخاصة داخل مجتمعه الحالي اليوم!
