• صاحب المنشور: زيدون بن غازي
  
  ملخص النقاش:
  مع ظهور وتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي AI بسرعة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، أصبح من الواضح أن هذا التحول الرقمي سيكون له تأثير عميق وممتد على طبيعة وظائف البشرية. بينما تسلط التقارير الضوء غالباً على المخاوف المتعلقة بفقدان الوظائف أمام الآلات، إلا أنه هناك أيضًا فرص جديدة للنمو والتطور المهني قد يوفرها هذا التوجه الجديد.

فيما يتعلق بالتحديات، فإن إحدى القضايا الرئيسية تكمن في عدم القدرة على مواءمة التعليم الحالي مع متطلبات السوق المستقبلية التي ستشهد تغيرات جذرية نتيجة الاعتماد المكثف على الأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي. فالتخصصات اليدوية والمهام الروتينية هي الأكثر عرضة للتأثر بهذا التحول التكنولوجي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الافتقار إلى سياسات وبرامج تدريبية راسخة لدعم العمال الذين فقدوا وظائفهم بسبب تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي إلى تفاقم الفجوة الاقتصادية الحالية بين الطبقات المختلفة داخل المجتمع.

وعلى الجانب الآخر، تحمل التكنولوجيا المرتبطة بالذكاء الاصطناعي العديد من الفرص الهائلة لمستقبل أكثر ازدهارا وانفتاحاً من الناحية الاقتصادية. ومن أهم هذه الفرص قدرتها على رفع الكفاءة والإنتاجية عبر تحسين العمليات التشغيلية وتحليلات البيانات. كما أنها تساهم في خلق قطاعات اقتصادية جديدة تمامًا، مثل تطوير البرمجيات الخاصة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي نفسها والتي تتطلب مجموعة فريدة وكبيرة ومتنوعة من المهارات. علاوة على ذلك، توفر الأدوات المحسنة مدعومة بوسائل ذكية للنشر البشري المجال لابتكار عمل جديد وهو "العمل الجاد" الذي يتمتع بشروط أفضل بكثير مما كان موجوداً سابقاً لبعض القطاعات ذات الرواتب المنخفضة حالياً.

أما بالنسبة للمهن الإنسانية والعاطفية المرهونة عادة بمشاركة الإنسان مباشرة كالرعاية الصحية أو الفن والأدب وغيرهما؛ هنا أيضًا يوجد مجال واسع للاستفادة حيث تعمل تقنيات التعلم الآلي لتحليل كم كبير من المعلومات لتوجيه الاختيارات واتخاذ القرارات بناء عليها بطرق أكثر دقة وأفضل سرعة وأعلى كفاءة مقارنة بعمل الأفراد. وفي الوقت نفسه، سيحتاج هؤلاء الأشخاص إلى مهارات بشرية مميزة أخرى مثل الإبداع والحكم الاجتماعي لإضافة قيمة حقيقية غير قابلة للإزاحة بواسطة الطرق الآلية حتى عندما تصبح تلك الوسائل أكثر تقدماً وقدرة.

وفي نهاية المطاف، يجب النظر إلى تحديات واحتمالات مستقبل العمل ضمن منظورا شاملا يعترف بثراء المعرفة والمهارات الإنسانية ويقدر أيضا إمكاناتها المشتركة مع قوة محركات الثورة الصناعية الحديثة . إن فهم ديناميكية هذه العلاقات واستراتيجيات اندماجها الاستراتيجي سوف يساهمُ في رسم مسارات مستقرة تحقق الإنصاف والتنمية المستدامة لكل أفراد مجتمع الأعمال العالمي بأكمله .