تُعدّ صناعة السيراميك حرفة قديمة تتجذر جذورها عميقًا في التاريخ البشري، وهي تجمع بين الفن والميكانيكا والإبداع لإنشاء قطع فريدة ومذهلة الجمال. هذه الصناعة التي تعود جذورها إلى العصور القديمة في الحضارات المختلفة مثل مصر القديمة والعراق القديم والصين، لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا وتشهد تطورات متزايدة مع مرور الوقت.
في جوهر صناعة السيراميك، نجد عملية تحويل مادة خام هي الطين إلى منتجات زخرفية وعملية قابلة للاستخدام بعد عدة مراحل متقنة تحتاج إلى مهارة واحترافية عالية. تبدأ الرحلة بإعداد الطين بشكل مناسب؛ يتم اختيار نوع الطين بناءً على الغرض النهائي للمنتج سواء كان لأغراض الزينة أم للأواني المنزلية. ثم يبدأ تشكيل الطين إما يدويًا باستخدام أدوات خاصة كالآلات اليدوية أو الآلات الحديثة مثل ماكينات التشكيل الضغطي واللف والتقطيع.
بعد مرحلة التشكل الأولى، يخضع المنتج لتجفيف طبيعي أو اصطناعي حسب رغبة المصنع للحصول على قوام محدد قبل الدخول في مرحلتي الإحراق والنشر. خلال عملية الإحرق، يتم رفع درجة حرارة العمل السيرياني تدريجيًا وفي بيئة خاضعة للتحكم لمنع الشروخ والتكتل غير المرغوب فيهما. تأتي بعد ذلك مرحلة النشر حيث يستخدم المصمم ألوان وأشكال مختلفة لإضافة جمال بصري للقطع المنتجة مما يعزز القيمة الجمالية لها ويمكن استخدامها كجزء ديكوري مميز للمنازل والشركات وغيرها من الأماكن العامة.
بالإضافة إلى الجانب التقني لهذه الصناعة الرائعة، فإن صناعة السيراميك تحتضن أيضًا جوانب ثقافية وفنية غنية عبر العالم. إن تنوع التصاميم والألوان المستوحاة من تراث الثقافات المتنوعة يشير إلى مدى ارتباط الناس بهذا النوع من الفنون والحِرَف اليدوية منذ القدم وحتى اليوم. كما تساهم دورات التعليم والتدريب المهني بشكل كبير في ضمان استمراريتها وحفظ أسرارها جيلا بعد جيل.
وفي المساحة المعاصرة لصناعة السيراميك، شهدنا ظهور أشكال جديدة وحديثة توظف تقنيات مبتكرة مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد وتطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحسين إنتاجية وجودة المنتجات المطروحة بالسوق العالمي. إلا أنه وعلى الرغم من كافة تلك الابتكارات، تبقى روح الانتماء للتقليدية وللممارسات البشرية المرتبطة بالحرف التقليدية سمة مميزة لهذه الصناعة المحبوبة والتي تعد جزءًا حيويًا من تاريخ الإنسانية وثرائها الثقافي والفني العظيم.
