لقد شهدت دولة الإمارات نمواً اقتصادياً ملحوظاً خلال العقود القليلة الماضية، وهو ما يمكن إرجاعه جزئياً إلى دور الاستثمار الأجنبي الحيوي. يوفر هذا النوع من الاستثمارات موارد مالية وتكنولوجية ورأس مال بشري قيمة تدعم القطاعات الرئيسية مثل البنية التحتية والتجارة والبنية الصناعية المحلية. إن التركيز هنا سيكون على تحليل تأثير الاستثمار الأجنبي بشكل عام ودور الإمارات تحديداً كمحرك رئيسي لهذا النمو المتسارع.
في سياق عالمي متغير بسرعة، برزت دول الخليج العربي، وبشكل خاص دولة الإمارات، كمستقبل جذاب للاستثمارات الخارجية. تعتبر هذه الدولة الواقعة في الشرق الأوسط مركزاً تجارياً هاماً ومركزاً لأعمال الأعمال الدولية نظرًا لموقعها الجغرافي الفريد واستقرار سياسي واقتصادي طويل الأمد وشعور كبير بالأمان للمستثمرين. بالإضافة إلى ذلك، فإن السياسات الحكومية التي تشجع الاستثمار الأجنبي وجذب الشركات العالمية تساهم أيضاً في تعزيز جاذبية البلاد كوجهة استراتيجية لهذه الأنواع من المشاريع التجارية.
ومن الناحية العملية، أثبتت مشاريع مثل مجمع Jebel Ali للصناعات الثقيلة ومطار دبي الدولي وممشى جميرا بيتش ريزيدنس أهميتها القصوى باعتبارها مؤشرات واضحة لقدرة الإمارات على جذب والاستفادة من رأس المال الخارجي بكفاءة عالية. تعمل هذه المشاريع الهائلة ليس فقط كنوافذ عرض للنظام البيئي للدولة ولكن أيضا كأساس لتطوير قطاعات إضافية ذات صلة بما فيها السياحة والسفر وإدارة الحاويات والمزيد.
بالإضافة لذلك، أدى دخول شركات عالمية كبيرة إلى السوق المحلية إلى نقل المعرفة والتقنيات الجديدة وخلق فرص العمل للسكان المحليين مما يسهم بدوره في تقليل معدلات البطالة وتعزيز القدرة التنافسية للموارد البشرية. ومن الأمثلة الشهيرة شراكتهم مع شركة ايكيا السويدية والتي أسفرت عن توظيف أكثر من ١٠,٠٠٠ شخص منذ افتتاح أول متجر لها هناك في ٢٠١٦ وحده. كما ساعدت التحالفات الأخرى بين الشركات الخاصة والحكومة عبر "الشراكات العامة والخاصة" في تمكين تنفيذ بنى تحتية ضخمة كالخط الأحمر لمترو دبي والذي بلغ تكلفته حوالي 11 مليار دولار أمريكي.
وفي حين أنه قد ينظر البعض إلى عيوب محتملة تتعلق بفقدان السيطرة الوطنية أو الاعتماد الزائد على مقومات خارجية، إلا أنه من الضروري الاعتراف بأن مخاطر كل نظام بيئي مرتبط ارتباطا وثيقا بمزاياها أيضًا - فالعلاقة المثلى غالبًا هي تلك التي تضمن توازن فعال بين المصالح الداخلية والخارجية لتحقيق هدف محدد يتمثل بتقدم مجتمع مستقر ومتطور ومتماسك اجتماعيًا.
وبالتالي، يبدو واضحا كيف لعب الاستثمار الأجنبي دوراً محورياً في رحلة النهضة الاقتصادية لإمارة الإمارات العربية المتحدة وعلى وجه الخصوص بلدها العملاق أبو ظبي ودبي وغيرهما من المدن الرائدة فيهما سواء مباشرة عبر المشاريع المنفردة أم غير مباشره بفضل التقارب بين القطاع الخاص والعام وبقية المؤسسات المؤثرة داخل الجهاز الإداري الوطني والإقليمي كذلك. وفي النهاية يبقى الحفاظ على هذا الدرب السليم للاقتصاد الحقيقي هو مفتاح نجاح أي خطوة جديدة تنطلق بها الدول نحو آفاق مجهولة لكن موعودة بالإنجازات الأكبر والأوسع نطاقاتها.