استطاعت منطقة بركة غليون تحقيق قفزة نوعية في مجال الاستزراع السمكي، حيث تحولت إلى واحدة من أهم مراكز إنتاج الأسماك محلياً ودولياً. هذا المشروع الوطني الكبير، الذي بدأ كمحاولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البحرية، أصبح اليوم نموذجاً يحتذى به في الإدارة الفعالة للموارد الطبيعية والاستثمار الذكي في الزراعة المائية. سنسلط الضوء هنا على رحلة هذا المشروع الناجح والتحديات التي يواجهها نحو مستقبله الأكثر ازدهاراً.
تأسس مشروع الاستزراع السمكي ببركة غليون عام ١٩٨٥ بهدف معالجة نقص توافر الأسماك الطازجة وزيادة الأمن الغذائي في البلاد. استثمر المشروع في البنية التحتية المتقدمة اللازمة لإنتاج أسماك عالية الجودة، بما في ذلك مزارع متكاملة ومتخصصة لتربية مختلف أنواع الأسماك مثل البلطي والنيل الأحمر وغيرهما. اعتماده سياسة التربية المسؤولة والبيئية ضمن بيئات خاضعة للرقابة أدى إلى زيادة كبيرة في العائدات وانخفاض كبير في التأثير البيئي مقارنة بوسائل الاتصال التقليدية.
نجاح هذا المشروع يعود جزئياً إلى عدة عوامل رئيسية: التركيز على البحث العلمي والتكنولوجيا الحديثة لتطوير تقنيات جديدة أكثر كفاءة وفعالية؛ الاهتمام بتدريب الأفراد والعاملين فيه؛ وجود دعم حكومي واستثماري غير محدود؛ والشراكات المحلية والدولية القوية. وقد ساعد كل هذه العوامل مجتمعة على إبقاء مشروع الاستزراع السمكي ببركة غليون رائداً ومبتكرًا طوال فترة عمله حتى الآن.
ومع ذلك، فإن الطريق أمام هذا المركز الرائد ليس مفروشا بالورود تماماً. فهو يواجه حاليًا تحديات عديدة تتعلق بالحفاظ على النوعية والجودة، بالإضافة إلى ضمان سلامة الغذاء عبر جميع مراحل عملية الإنتاج والمعالجة والتوزيع. كما يشكل المنافسة الدولية مصدر قلق أيضاً فيما يتعلق بحصته السوقية وحماية حقوق الملكية الفكرية الخاصة به. علاوة على ذلك، هناك حاجة ملحة للاستعداد للتغيرات المناخية واحتمالات تأثيرها السلبي المحتملة على دورة حياة الأسماك ونوعيتها.
في النهاية، فإن نجاح مشروع الاستزراع السمكي ببركة غليون هو شهادة قاطعة على ما يمكن تحقيقه عند الجمع بين الرؤية الثاقبة ورعاية الدولة والموهبة البشرية والإصرار على التفوق. وعلى الرغم من العقبات الحالية والتوقعات طويلة الأجل، فمن الواضح أن هذه المؤسسة ستظل لاعباً محورياً وثابتاً في سوق الصيد البحري العالمي لأجيال قادمة.