الإيواني: عملة عراقية قديمة تعكس تاريخاً غنياً وثقافة متنوعة

كانت العملة العراقيّة القديمة، والمعروفة أيضًا باسم "الإيواني"، جزءًا حيويًّا من التاريخ الاقتصادي والثقافي للعراق منذ القرن التاسع عشر وحتى بداية الق

كانت العملة العراقيّة القديمة، والمعروفة أيضًا باسم "الإيواني"، جزءًا حيويًّا من التاريخ الاقتصادي والثقافي للعراق منذ القرن التاسع عشر وحتى بداية القرن العشرين. هذه العملات، التي تحمل أسماء مختلفة مثل الدينار والإيلاني والإيلاني الكبير والصغير، كانت ذات قيمة كبيرة ليس فقط كوسيلة للتبادل التجاري ولكن أيضًا كنصب تذكارية ترسم لوحة واضحة لحياة الناس وتطور المجتمع في تلك الفترة الزمنية.

تُعتبر الأصول الفنية لهذه العملات مميزة للغاية، حيث تمثل مجموعة فريدة من التصميمات التي تنضح بالقوة والثروة الثقافية لبلاد الرافدين. بعضها يحمل صور الحكام والأحداث الوطنية الهامة، بينما يظهر البعض الآخر مشاهد يومية تعكس الحياة اليومية للمجتمع العراقي آنذاك. بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام مواد متعددة مثل الذهب والفضة والنحاس يعكس مهارات الصائغين والمصممين الذين صنعوا هذه القطع النقدية الثمينة.

لم تكن الإيوانيات مجرد وسيلة لتحقيق الربح أو توازن المدفوعات؛ بل كانت رمزاً للوحدة الوطنية والتاريخ المشترك بين مختلف المناطق داخل الوطن الواحد. فقد حملت كل منطقة اسمها الخاص على هذه العملات، مما يشير إلى هيكل الحكم المركزي المتكامل تحت ظل الدولة العثمانية حينها.

مع مرور الوقت ومع تغييرات سياسية واقتصادية شاملة، بدأت أهمية الريال العراقي الحديث في الانتشار تدريجيًّا حتى تحل محل الإيوانيات عام 1927 بعد تشكيل مملكة العراق وإعلان الاستقلال الرسمي عنه. ومع ذلك، ظلت ذكرى وأثر هذه العملة جزءاً أساسياً من تراثنا الوطني المعبر عنه بالأرشيف النقدي وما خلفته لأجيال لاحقة لتستلهم منه روح البقاء والعزيمة رغم التقلبات الجذرية للأحداث السياسية والجغرافية.

إن فهمنا للإيوانيين يساعدنا على تقدير مدى عمق وحساسية التفاعلات الاجتماعية والفنية خلال فترة زمنية محددة جدًا، حيث يمكننا رؤية كيف تطورت الأفكار حول الفنون والحرف اليدوية جنباً إلى جنب مع نظام المال الأكثر تنظيمًا وانتظامًا. وهذا يدعونا للاستمرار في فحص ودراسة الماضي لفهم حاضرنا واستشراف مستقبلنا بشكل أفضل.


لقمان بن داود

7 مدونة المشاركات

التعليقات