بيع التقسيط هو نوع من العقود التجارية التي يتم فيها بيع سلعة أو خدمة مقابل دفعات متعددة خلال فترة زمنية معينة، بدلاً من الدفع الفوري للمبلغ الكامل. هذا النوع من البيع شائع جداً في العديد من القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك التجارة الإلكترونية، السيارات، والأثاث المنزلي. في الإسلام، هناك أحكام وشروط محددة لجواز تعاملات التجزئة حسب القواعد الشرعية.
في عقد بيع التقسيط، يوافق البائع على تأجيل قبض ثمن السلعة إلى مستقبل غير معروف لدى الطرفين عند إبرام العقد، بشرط أن تكون هذه الفترة الزمنية محددة ومقبولة ضمن حدود ما يسمح به القانون والمبادئ الإسلامية. عادةً، يتفق البائع والمشتري على رسم مبدئي للأسعار لكل دفعة ويتضمن الاتفاق تفاصيل حول مقدار كل قسط، تاريخ استحقاقه وتكاليف أي فوائد أو رسوم إضافية محتملة.
من الناحية الشرعية، يجوز بيع التقسيط طالما أنه يحترم عدة ضوابط أساسية تضمن العدالة والشفافية بين الأطراف المتعاقدة. أولاً، يجب تحديد سعر البيع بشكل واضح وصريح منذ بداية العقد لتجنب سوء الفهم لاحقاً. بالإضافة لذلك، ينبغي تجنب الربا بكافة أشكاله؛ إذ يعد ربا المحرم رقمياً أو فعلياً باطلاً شرعاً.
كما يشترط وجود تسليم حقيقي للسلعة التي تم شراؤها قبل شروع المشتري في سداد الأقساط الأولى منه. وهذا يعطي حق الملكية الحصرية للسلعة للمشتري، ويمنع احتمال فرض غرامات جزائية إذا تخلف أحد الأطراف عن الوفاء بالتزاماته. إن توافر هذه الضمانات والقواعد يخلق بيئة تعاونية ومنصفة ضمن اطار التعاملات المالية وفق الشريعة الاسلامية.
تعددت نماذج بيع التقسيط بحسب طبيعة الصفقة ونوع المنتج المعروض للبيع. مثلاً، قد يستخدم نظام "الأجل"، والذي يقصد به مد العملة لمدة زمنية معلومة حتى يتمكن صاحب المال من الاستمتاع بفوائده لفترة وجيزة بدون خسائر اقتصادية كبيرة بسبب التأخير المؤقت للدفع. كذلك يمكن استخدام خيارات أخرى مثل إضافة نسب زيادة صغيرة مقارنة بسعر السوق الحالي كوسيلة لتحفيز مشتريات العملاء ودعم فرص عمل جديدة للشركات الصغيرة والمتوسطة.
بشكل عام، فإن تطبيق آلية التسديد على أقساط بعد عملية التفاوض بشأن بنود العقد المختلفة يعد وسيلة مفيدة ومرنة لكلا الجانبين - سواء فيما يتعلق بتوفير القدرة الشرائية للأسر ذات الدخل المحدود أم بإعطاء الفرصة للتجار لجذب مزيدٍ من الجمهور المستهدف والترويج لمبيعات منتجاتهم. ومع احترام الإرشادات الشرعية واتباع الترتيبات المناسبة، يمكن أن يساهم بيع التقسيط بطريقة صحية وثابتة في النمو الاقتصادي وخفض عبء الدين الشخصي أيضًا.
