تُعدّ السياسة النقدية أحد أهم الأدوات التي يستخدمها البنك المركزي لتحقيق استقرار الأسعار وتنظيم نشاط الاقتصاد القومي. تتضمن مجموعة من القرارات والإجراءات المتعلقة بإدارة العرض النقدي والمستويات الفائدة بهدف التأثير بشكل فعال على الإنفاق والاستثمار والتضخم.
في جوهر الأمور، تعتبر السياسة النقدية آلية هامة لإدارة المالية العامة ضمن الحدود القصوى للبنك المركزي. تتمثل وظيفتها الرئيسية في الحفاظ على توازن بين نمو الاقتصاد وارتفاع معدلات التضخم غير المنضبط. يمكن تصنيف هذه السياسات عادة إلى فئتين: التوسعية والصارمة.
- السياسة النقدية التوسعية: تُطبق عندما يهدف البنك المركزي إلى تعزيز الطلب الإجمالي وتحسين مستوى البطالة عبر خفض أسعار الفائدة وخلق المزيد من المال المتاح للاستثمار والتداول. هذا النوع من السياسات يحث الأفراد والشركات على الاستدانة بنسب أقل وكبح عمليات الادخار، مما يساهم في زيادة الطلب وبالتالي يعزز الأداء العام للاقتصاد.
- السياسة النقدية الصارمة: تستعمل عند محاولة الحد من تضخم مفرط أو لتجنب فقاعات اقتصادية محتملة. هنا، يقوم البنك المركزي برفع أسعار الفائدة وتضييق المعروض من النقود مما يؤدي إلى تقليل الإنفاق والاستثمار. الهدف هو كسر الدورة التضخمية قبل تفاقم الوضع.
على سبيل المثال، خلال جائحة كوفيد-19، طبقت العديد من البنوك المركزية حول العالم سياسات نقدية توسعية كبيرة لحماية البلدان من الانكماش الشديد وانخفاض مستويات الثقة بالنفس لدى المستثمرين. وقد شمل ذلك تخفيضات حادة لأسعار الفائدة وأشكالا مختلفة من "التيسير الكمي" - وهو مصطلح يشير إلى شراء كميات ضخمة من سندات الحكومة والسندات الأخرى لدعم السوق ومنع انهيار النظام المصرفي.
إن فهم عمق وتعقيد السياسة النقدية أمر ضروري لفهم كيفية عمل الاقتصاد العالمي وكيف يمكن للمركبات السياسية المختلفة تحقيق نتائج متباينة اعتمادا على الظروف البيئية المحلية والعالمية. إنها واحدة من أقوى أدوات إدارة الدولة الحديثة وهي جزء حيوي من كل نظام اقتصادي عالمي سليم وصحي.