تأثير التكنولوجيا على الصحة النفسية: دراسة متعددة الجوانب

استطاعت التكنولوجيا تغيير العالم الحديث بطرق لم يكن أحد يتخيلها قبل عقود قليلة. وقد أدى هذا التطور إلى تحسين العديد من جوانب حياتنا؛ بدءًا من التواصل

  • صاحب المنشور: إسماعيل بن عبد الله

    ملخص النقاش:
    استطاعت التكنولوجيا تغيير العالم الحديث بطرق لم يكن أحد يتخيلها قبل عقود قليلة. وقد أدى هذا التطور إلى تحسين العديد من جوانب حياتنا؛ بدءًا من التواصل الفوري وانتهاء بإمكانيات الوصول غير المسبوقة للمعلومات. ولكن، كما هو الحال مع أي طفرة تقنية، تأتي هناك جوانب مظلمة محتملة تحتاج إلى الاعتبار أيضًا. من بين هذه القضايا المحتملة تأثير التكنولوجيا على الصحة النفسية للناس.

تُظهر الأبحاث الحديثة وجود علاقة مباشرة بين استخدام وسائل الإعلام الرقمية والاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق. وفقا لتقرير صدر عام 2019 من جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، فإن الأشخاص الذين يقضون أكثر من ساعتين يومياً أمام الشاشات الإلكترونية لديهم احتمالية أعلى بنسبة 37% للإصابة باضطراب نفساني مقارنة بأولئك الذين يستخدمون التقنية أقل. ويبدو أن العوامل الرئيسية التي تساهم في هذه المشكلة تتضمن الإدمان الرقمي، نقص النوم بسبب التأجيل المتكرر للنوم بسبب الاستخدام المتأخر للأجهزة، ومراقبة الذات الزائدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتكنولوجيا أن تزيد الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية إذا تم استخدامها كبدائل للعلاقات الشخصية الحقيقية. قد يجد الأفراد أنه بمجرد الانغماس في عالم الإنترنت، يصبحون أقل رغبة أو قدرة على المشاركة في الحياة الواقعية. وهذا ليس مضراً فحسب بل يمكن أن يؤدي أيضا إلى زيادة خطر مشاكل الصحّة العقليّة، مما يعكس حاجتنا الملحة لإعادة النظر في الطريقة التي نتعامل بها مع الأدوات الرقمية اليومية لدينا.

من أجل مواجهة هذه التحديات، يقترح الخبراء تشجيع استخدام التكنولوجيا المسؤول والحذر. يشمل ذلك تحديد فترات زمنية محددة للاستخدام، خاصة خلال وقت الراحة والنوم، بالإضافة إلى تعزيز الوعي حول آثار مراقبة الذات المستمرة وغير الصحية التي تؤثر كثيرا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. إن الجمع بين دروس التعليم في المدارس بشأن إدارة الوقت الصحي والتواصل السليم باستخدام الانترنت، جنبا إلى جنب مع دعم الاحتراف الصحي النفسي عندما تكون هناك علامات واضحة للحاجة إليه، سيؤدي بلا شك نحو خلق بيئة رقمية صحية وأكثر شمولا.

وفي النهاية، بينما تحتفل الإنسانية بالتقدم الكبير الذي أحرزته التكنولوجيا، ينبغي لها أيضاً البحث باستمرار وتقييم الآثار الجانبية لهذه الثورة الرقمية الجديدة. وبمواجهتها بحكمة واستراتيجية، سوف تستطيع المجتمعات استفادة من مزايا التكنولوجيا، مع حماية رفاهيتها العامة بصرف النظر عن ذلك.


أفنان العسيري

3 مدونة المشاركات

التعليقات